الاثنين، 20 أغسطس 2018

الإحسان و فضله

بسم الله الرحمان الرحيم 

                                                                          يوم  الإثنين 20 أوت 2018 ميلادي




  الإحسان إلى الخلق


 (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) .
يذكر أن رجلاً نزل هو وولده واديًا، انشغل الرجل بعمله ، وأخذ الولد الصغير يلهو بكلمات وأصوات، فوجئ الولد أن لهذه الأصوات صدًى يعود إليه، فظن أن هناك من يكلمه أو يرد عليه،

فقال:
 من أنت؟
فعاد الصدى:
 من أنت؟
قال الولد:
أفصح لي عن شخصك؟
 فرد عليه:
أفصح لي عن شخصك؟
 فقال الولد غاضبًا:
 أنت رجل جبان وتخفي عني، فرجعت إليه العبارة نفسها،
 فقال الولد:
إن صاحب الصوت يستهزئ به ويسخَر منه، فانفعل وخرج عن طوره، وبدأ يسبّ ويلعن، وكلّما سب أو لعن رجَعت عليه مثلها. جاء الوالد ووجد ولده منهارًا مضطربًا، فسأله عن السبب، فأخبره الخبر، فقال له: هوّن عليك يا بني، وأراد أن يعلّمه درسًا عمليًا، فصاح بأعلى صوته:
أنت رجل طيّب، فرجع إليه
الصوت:
 أنت رجل طيب،
 ثم قال:
 أحسن الله إليك،
 فكان الردّ:
أحسن الله إليك، وكلّما قال كلامًا حسنًا كان الرد بمثله.
 سأل الولد والده بدهشة واستغراب: 
لماذا يتعامل معك بطريقة مؤدّبة ولا يسمعك إلا كلامًا حسنًا؟!
 فقال له الأب: يا بني، هذا الصوت الذي سمعته هو صدَى عملك، فلو أحسنتَ المنطِق لأحسن الردّ، ولكنك أسأت فكان الجزاء من جنس العمل .
أيها الأحبة 
 نتحدث اليوم عن صفة نبيلة ، وخصلة جليلة ، يحبها الله ، ويحب أهلها .
إنها الإحسان ، يا أهل الإحسان ، (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) .
إذا أحسن المسلم إلى الآخرين في هذه الدنيا ، كانت النتيجة إحسانَ الله إليه في الدنيا والآخرة .
إن أول المستفيدين من الإحسان هم المحسنون أنفسهم، يجنون ثمراتِه عاجلاً في نفوسهم وأخلاقهم وضمائرهم؛ فيجدون الانشراح والسكينة والطمأنينة.
جرب يا أخي .. إذا طاف بك طائف من هم أو ألمّ بك غم فامنح غيرك معروفًا وأسدِ له جميلاً تجِد السرور والراحة، أعط محرومًا، انصر مظلومًا، أنقذ مكروبًا، أعن منكوبًا، عد مريضًا، أطعم جائعًا؛ تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك .
أما الثمرة في الآخرة ، فتأمل معي هذه القصة العجيبة ، فقد ثبت في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّارِ .
ومن عجائب أخبار السلف الصالح ما روى أهل السير عن أحمدَ بنِ مسكين أحدِ علماءِ القرن الثالث الهجري في البصرة، قال:"امتحِنت بالفقر سنة تسع عشرة ومائتين، فلم يكن عندنا شيء، ولي امرأة وطفلها، وقد طوينا على جوع يخسف بالجوف خسفا، فجمعت نيتي على بيع الدار والتحوّل عنها، فخرجت أتسبب لبيعها فلقيني أبو نصر، فأخبرته بنيتي لبيع الدار فدفع إلي رُقاقتين من الخبز بينهما حلوى، وقال أطعمها أهلك. ومضيت إلى داري فلما كنت في الطريق لقيتني امرأة معها صبي، فنظَرَت إلى الرقاقتين وقالت: يا سيدي، هذا طفل يتيم جائع، ولا صبر له على الجوع، فأطعمه شيئًا يرحمك الله، ونظر إليّ الطفل نظرة لا أنساها، وخيّل إليّ حينئذ أن الجنة نزلت إلى الأرض تعرض نفسها على من يشبِع هذا الطفل وأمه، فدفعت ما في يدي للمرأة، وقلت لها: خذي وأطعمي ابنك. والله ما أملك بيضاء ولا صفراء، وإن في داري لمن هو أحوج إلى هذا الطعام، فدمعت عيناها، وأشرق وجه الصبي، ومشيت وأنا مهموم، وجلست إلى حائط أفكر في بيع الدار وإذ أنا كذلك إذ مرّ أبو نصر وكأنه يطير فرحًا، فقال: يا أبا محمد، ما يجلسك ها هنا وفي دارك الخير والغنى؟! قلت: سبحان الله! ومن أين يا أبا نصر؟! قال: جاء رجل من خراسان يسأل الناس عن أبيك أو أحدٍ من أهله، ومعه أثقال وأحمال من الخير والأموال، فقلت: ما خبره؟ قال: إنه تاجر من البصرة، وقد كان أبوك أودَعه مالاً من ثلاثين سنة، فأفلس وانكسر المال، ثم ترك البصرة إلى خراسان، فصلح أمره على التجارة هناك، وأيسَر بعد المحنة، وأقبل بالثراء والغنى، فعاد إلى البصرة وأراد أن يتحلّل، فجاءك بالمال وعليه ما كان يربحه في ثلاثين سنة .
يقول أحمد بن مسكين: حمدت الله وشكرته، وبحثت عن المرأة المحتاجة وابنها، فكفيتهما وأجرَيت عليهما رزقا، ثم اتجرت في المال، وجعلت أربه بالمعروف والصنيعة والإحسان وهو مقبل يزداد ولا ينقص، وكأني قد أعجبني نفسي وسرني أني قد مُلِأَت سجلاتُ الملائكة بحسناتي، ورجوت أن أكون قد كُتبت عند الله في الصالحين، فنمت ليلة فرأيتُني في يوم القيامة، والخلق يموج بعضهم في بعض، ورأيت الناس وقد وُسِّعَتْ أبدانُهم، فهم يحملون أوزارهم على ظهورهم مخلوقة مجسّمة، حتى لكأن الفاسق على ظهره مدينة كلها مخزيات، ثم وضعت الموازين، وجيء بي لوزن أعمالي، فجعلت سيئاتي في كفة وألقيت سجلات حسناتي في الأخرى، فطاشت السجلات، ورجحت السيئات، ثم جعلوا يلقون الحسنة بعد الحسنة مما كنت أصنعه، فإذا تحت كل حسنةٍ شهوةٌ خفيةٌ من شهوات النفس، كالرياءِ والغرورِ وحبِ المحمدة عند الناس، فلم يسلمُ لي شيء، وهلكتُ عن حجتي وسمعتُ صوتًا: ألم يبق له شيء؟ فقيل: بقي هذا، وأنظر لأرى ما هذا الذي بقي، فإذا الرقاقتان اللتان أحسنت بهما على المرأة وابنها، فأيقنت أني هالك، فلقد كنت أُحسِنُ بمائةِ دينارٍ ضربةً واحدة فما أغنَت عني، فانخذلت انخذالاً شديدًا ، فوُضِعَت الرقاقتان في الميزان، فإذا بكفة الحسنات تنزل قليلاً ورجحت بعضَ الرجحان، ثم وُضعت دموع المرأة المسكينة التي بكت من أثر المعروف في نفسها، ومن إيثاري إياها وابنها على أهلي، وإذا بالكفة ترجُح، ولا تزال ترجُح حتى سمعت صوتًا يقول: قد نجا .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، (اتقوا النار ولو بشق تمرة) .
عباد الله .. الإحسان كالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه، وقد ثبت في الحديث أن شَربة ماء قدمتها امرأة بغي زانية ، لكلب عقور أثمرت دخول جنة عرضها السموات والأرض؛ لأن صاحب الثواب غَفور شكور ، غنيّ حميد ، جواد كريم، فلا تحتقر أخي المحسن إحسانك وجودك وعطاءك مهما قل .
أخي الحبيب، هل تريد أن تُنَفّس كربتُك ويزولَ همُك؟ فرج كربات للمساكين .. هل تريد التيسير على نفسك؟ يسر على المعسرين .. هل تريد أن يستر الله عليك؟ استر عباد الله . والجزاء من جنس العمل.
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه" .
ومن القصص العجيبة ما ذكره الشيخ عطية سالم رحمه الله المدرس بالحرم النبوي أن امرأة في المدينة كان لها جيران من النسوة العجائز، وكانت تعطيهم طاسة الحليب من غنمها ، وفي أحد الأيام وقع لها حادث حينما كانت تسير في ضواحي المدينة المنورة، فسقطت في حفرة متصلة بمجرى الماء، فسحبها الماء تحت الأرض، وقدر الله لها أن تمسك بحجر في هذا المجرى، ومكثت عالقة بهذا الحجر تحت الأرض أربعة أيام، وبعد هذه الأيام ، مرّ رجل بالمكان فسمع صوت استغاثة ضعيف، فلما عرف مصدر الصوت، نزل وأخرجها، وسألها عن حالها وكيف كانت تعيش؟! فقالت: إن طاسة الحليب التي كنت أعطيها للعجائز كانت تأتيني كلَّ يوم . والجزاء من جنس العمل.
عبد الله .. تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة .. واعلم أن الإحسان إلى الخلق سيعود إليك صداه ولو بعد حين .. وأن الصدقة ولو بالقليل تفعل الشيء الكثير إذا وافقت إخلاصًا من المتصدق وحاجة عند الفقير، والبحث عن صاحب الحاجة اليوم عزيز، إذ اختلط الحابل بالنابل، وأفسد الكاذب على الصادق . فينبغي للمتصدق أن يتحرّى في صدقته المحتاجين دون المحتالين .
وقد يقول قائل ويسأل سائل: أين نجد هؤلاء المحتاجين؟! وكيف السبيل إليهم؟! فأقول: اجتهد في البحث تجدهم ، ومن يتحر الخير يوفق إليه .
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم إنه على كل شيء قدير .

نتيجة بحث الصور عن الإحسان للناس



الحمد لله الذي له ما في السماوات ومافي الأرض .. 
 إن طرق البذل والإنفاق سبقنا إليها العظماء من الموفّقين، وعلى رأسهم سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم الذي قال: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار)) رواه البخاري.
كان صلى الله عليه وسلم لا يتأخر عن تفريج كربات أصحابه، فكم قضى لهم من ديون، وكم خفف عنهم من آلام، وكم واسى لهم من يتيم، وفوق ذلك مات ودرعه مرهونة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .
يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة ، بل ربما أنفق غنمًا بين جبلين .
هو البحر من أي النواحي أتيتـه *** فلُجَّتُه المعروف والجود ساحله
تراه اذا ما جئته متهللا   ***  كأنك تعطيه الذي أنت سائله
تعوّد بسط الكف حتى لو انه ***  اراد انـقباضا لم تطعه انامله
نتيجة بحث الصور عن ورود متحركة
ولو لم يكن في كفه غير نفسه ***  لجاد بـها فـليتق الله سائله
ثم جاء أصحابه رضي الله عنهم الذين ضربوا أروع الأمثلة في البذل والعطاء ، والإحسان والسخاء، الصديق رضي الله عنه يقدّم ماله كله لله، والفاروق رضي الله عنه يقدم نصف ماله لله، وعثمان رضي الله عنه يشترى الجنة من الرسول صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة حين حفر بئر رُوْمَة، ومرة حين جهز جيش العسرة .
عبد الله .. لا تبخل على نفسك، وقدم لها ما يسرّك . واعلم أن السفر طويل، والزاد قليل، والذنب عظيم، والعذاب شديد، والميزان دقيق، والصراط منصوب على متن جهنم، ونحن سائرون عليه، فإمّا ناج أو هالك، فأنفق ينفقِ الله عليك، أحسن يحسنِ الله لك، فرج يفرج الله عنك، فالجزاء من جنس العمل.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ...
اللهم يمِّن كتابنا، ويسِّر حسابنا، وثقِّل موازيننا، وحقِّق إيماننا، وثبِّت على الصراط أقدامنا، وأقرّ برؤيتك يوم القيامة عيوننا، واجعل خير أعمالنا آخرها، وخير أيامنا يوم لقاك. اللهم لا تجعل بيننا وبينك في رزقنا أحدًا سواك، واجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك. اللهم هب لنا غنى لا يطغينا، وصحة لا تلهينا، وأغننا اللهم عمّن أغنيته عنا، إنك على ذلك قدير وبالإجابة جدير وصلى الله على محمد ... 


في شكوى الفقير ابتلاءٌ للغني، وفي انكسار الضعيف امتحانٌ للقوي، وفي توجُّع المريض حكمة للصحيح، ومن أجل هذه السُّنة الكونية جاءت السنة الشرعيَّة بالحثِّ على التعاون بين الناس، وقضاء حوائجهم، والسعي في تفريج كروبهم


نتيجة بحث الصور عن الإحسان للناس



إحسانك وَجُودك وعطاءك، مهما قلَّ.

نتيجة بحث الصور عن الإحسان للناس

أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ تَسْتَأْسِرْ قُلُوبَهُمُ 


فَطَالَمَا اسْتَأْسَرَ الإِنْسَانَ إِحْسَانُ 
وَكُنْ عَلَى الدَّهْرِ مِعْوَانًا لِذِي أَمَلٍ 
يَرْجُو نَدَاكَ فَإِنَّ الْحُرَّ مِعْوَانُ


نتيجة بحث الصور عن ورود متحركة


موضوع حول النية

 بسم الله الرحمان الرحيم  


                                                                                                                     يوم الإثنين 20 أوت 2018 ميلادي






 الموضوع                          النية
نتيجة بحث الصور عن النية



 
محمد صلى الله عليه وسلم
 
«إن الله لا ينظر إلى أجسامهم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم»
 
محمد صلى الله عليه وسلم
 
«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه».


نتيجة بحث الصور عن النية

الأفعال التي تصدر من المكلف
لا تخضع لقاعدة الأمور بمقاصدها إلا إذا توافرت شروط هي: 
أولاً: الإسلام :
النية ركن أساس في كل عمل وتصرف يعمله المسلم لكي يؤجر عليه، لقوله: «إنما الأعمال بالنيات»، ولقوله تعالى: مَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (البينة: 5)، ولهذا لا تصح العبادات من كافر؛ لأنه وَمطالب بالإسلام أولًا، فلو تيمم أو توضأ كافر، فإن تيممه ووضوؤه لا يصح عند الجمهور، أما الأحناف فيرون صحة وضوئه وغسله، بمعنى أنه لو أسلم بعد هذا الوضوء أو الغسل ثم صلى أجزأه؛ لأن النية من شروط التيمم عندهم دون الوضوء أو الغسل. 
وفي الكفارة لا تصح عند الأحناف من الكافر بيمنه، لقوله تعالى: إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ (التوبة: 12)، ولقوله تعالى: وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم (التوبة: 12)، وأما الشافعية فيرون صحة الكفارة من الكافر بغير العبادة (الصوم) من عتق رقبة وإطعام مساكين، ويشترط منه نيتها؛ لأن الغالب في هذه الكفارات جانب الغرامات، والنية فيها للتمييز لا للقربة، وهي بالديون أشبه. 
ويصح غسل الكتابية زوجة المسلم عن الحيض ليحل وطؤها بلا خلاف للضرورة، ويشترط نيتها عند الشافعية. 
وأما المرتد فلا يصح منه غسل ولا غيره، ولكن إذا أخرج المرتد الزكاة في حال ردته صحت وأجزأته( ).
ثانيًا : أن يكون الأمر معلوما معينا :
فيحدده المكلف، ويعرف حقيقته وحكمه الشرعي؛ لأن من لا يعرف الشيء لا يصح أن يقصده أو ينويه، كما لا يصح للمكلف أن ينوي أمرا مبهما( ).
ولأجل هذا قال البغوي: فمن جهل فريضة الوضوء أو الصلاة، لم يصح منه فعلها، وكذا لو علم أن بعض الصلاة فرض ولم يعلم فرضيته التي شرع فيها. 
ومن فروع هذا الشرط: ما لو نطق بكلمة الطلاق بلغة لا يعرفها، وقال قصدت بها معناها بالعربية، فإنه لا يقع الطلاق في الأصح. 
ونظير ذلك لو قال: أنت طالق طلقة في طلقتين، وقال: أردت معناه عند أهل الحساب، فإن عرفه وقع طلقتان، وإن جهله فواحدة في الأصح؛ لأن ما لا يعلم معناه لا يصح قصده. 
ونظير ذلك بعتك بمثل ما باع به فلان فرسه وهو لا يعلم قدره، فإن البيع لا يصح( ).
ثالثا: أن تصدر هذه الأفعال عن مميز :
فلا تصح عبادة صبي لا يميز، ولا مجنون، وخرج عن ذلك الطفل يوضئه الولي للطواف، حيث يحرم عنه، والمجنونة يغسلها الزوج عن الحيض وينوي على الأصح( ).
ومن فروع هذا الشرط عمد الصبي والمجنون خطأ، ولكنه أعم من كون الصبي مميزًا وينقض وضوء السكران لعدم تمييزه، وكذا حكم صلاته وسائر أفعاله.( ) 
رابعا: ألا يأتي بمنافٍ بين النية والمنوي :
ولهذا قالوا إن النية المتقدمة على التحريمة جائزة بشرط ألا يأتي بعدها بمنافٍ ليس منها، وعلى هذا تبطل العبادة بالارتداد، والعياذ بالله تعالى في أثنائها، وتبطل صحبة النبي  بالردة إذا مات عليها، فإن أسلم بعدها، فإن كان في حياته  فلا مانع من عودها، وإلا ففي عودها نظر.( ) 
وأما من ارتد ومات على الردة، كابن خطل، لا يطلق عليه اسم الصحابي، وأما من ارتد بعده، أي بعد النبي  ، ثم أسلم ومات مسلما، كالأشعث بن قيس، فقال الحافظ أبو الفضل العراقي في دخوله في الصحابة نظر.( ) 
وللمنافي أربع صور رئيسية، ولكل صورة فروع، فقد يكون المنافي بنية القطع، أو نية القلب أو عدم القدرة على المنوي، أو التردد وعدم الجزم، وإليك بيانها في أربعة مسائل: 
المسألة الأولى : المنافي نية القطع : 
ونية القطع تارة تؤثر في العمل وتحبطه، ولا يترتب عليه صحته، وتارة لا يؤثر قطعها، وتعتبر ملغاة، ويكون العمل مع قطعها صحيحا، وإليك صورة كل حالة: 
أولا: صورة نية القطع التي تؤثر في العمل وتحبطه :
أ– من نوى قطع الإيمان، صار مرتدا في الحال. 
ب– نوى قطع الصلاة أثناءها، بطلت؛ لأنها شبيهة بالإيمان. 
ج– نوى قطع صلاة الجماعة، بطلت وسقط ثوابها، وأما حكم الصلاة نفسها إذا لم يكن له عذر، فالصحيح أنها لا تبطل. 
د– نوى قطع قراءة الفاتحة وسكت يسيرا، بطلت القراءة في الأصح، وإلا فلا. 
ه– نوى قطع السفر والإقامة، بطل القصر، وأصبح مقيما إذا توافرت شروط خمسة، هي: 
1– أن يقطع السير، أما من نوى الإقامة وهو سائر، فلا يصح؛ لأن المسير يكذب الإقامة. 
2– أن لا يكون مقيما في مفازة، أو جزيرة، فإن نواها في بحر أو جزيرة أو مفازة، لا تصح؛ لأن هذه الأشياء لا تصلح للإقامة.( )
3– الاستقلال بالرأي، فلا تصح نية التابع. 
4– المدة: أي إن نوى إقامة نصف شهر فيقصر إن نوى الإقامة في أقل من نصف شهر. 
5– اتحاد الموضع، فلو نوى إقامة نصف شهر في موضعين مستقلين كمكة ومنى، لم يصر مقيما و أصبح كمن نوى الإقامة في غير موضعها( ).
ففي هذه الحالات لا يصح قطع السفر بالإقامة؛ لأن استئناف الرحلة أو السفر يكذب ذلك. 
و– ومن نوى (أي المسافر) الإتمام أثناء الصلاة امتنع عليه القصر وتحول فرضه إلى الأربع، سواء نواها في أولها، أو في آخرها، أو في وسطها، وسواء كان منفردا أو مقتديا، أو مدركا، أو مسبوقا، أما اللاحق لا يتم بنيتها بعد فراغ إمامه لاستحكام فرضه بفراغ إمامه، كذا في الخلاصة( ).
ز– ومن نوى الصوم من الليل ثم قطع النية قبل الفجر، سقط حكمها؛ لأن ترك النية ضد النية بخلاف ما لو أكل بعدها، لا تبطل؛ لأن الأكل ليس ضدها( ).

نتيجة بحث الصور عن النية

مفهوم النيَّة لغة واصطلاحاً




النّيّة لُغة



تمّ تعريف النيَّة لغوياً بعدد غير قليل من المعاني، فمنها الأقرب من حيث المفهوم، والتداول والاستخدامات، وهذا تحليل كلمة النيَّة يأخذنا لمعرفة المعنى: (نيَّة) من أصل الفعل (نوى)، مصدرها (نَوْيَة) على وزْن فَعلّة. نظراً لاجتماع حرفي العلة (الواو الساكنة مع الياء المشددة) تمّ حذف الواو للثقل. جمع نيَّة: نيّات، و "إنّما الأعمال بالنيّات".

نتيجة بحث الصور عن النية

 النّيّة اصطلاحاً النّيّة،


هي أيّ عمل دون استثناء يبدأ من الجوارح، يكون في البداية فكرة، ثم يتم تفعيلها بين العقل، والقلب، والروح، وإنَّ صحّة العمل تكمن في سلامة الجوارح، فإذا صلحت الجوارح صلحت النيَّة وبالتالي يصلح العمل، فالنيَّة الحسنة تؤدّي للعمل الحسن،

والنيَّة السيّئة تؤدّي للعمل السيئ، فالنيَّة هنا: شيء مكنون داخل القلب، لا تنقص لذكرها بالجهرلساناً، ولكن يجب الحرص عليها حتى تكتمل، ولا تفسد إن خالطت مسامع المغرضين الحاقدين، حيث يعملون على إفسادها، لذا فمن المستحب الاحتفاظ بها في القلب، والأهمية هنا العزم عليها بصبر وصمت، شبه البعض أنّ النيَّة بالنسبة للعمل بمثابة البوصلة التي توجه الأعمال وتصحح مساراتها وبالتالي وبينوا شروطها:

العمل من جنس النيَّة من حيث الصدق، أي إضمار العمل مع عدم اهمال السعي لنواله. العمل من جنس النيَّة من حيث الثبات وعدم التغيير حسب الأهواء والظروف. صلاح النيَّة وسلامة الجوارح يحقق الأعمال الصالحة والعكس، فهو تابع لها. الثقة بالله بداية، ثم الاجتهاد والعمل في اتجاه تحقيق الأمر المقصود.

 قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ). [البقرة: 264].

 تعريفات النيَّة العزّم والإرادة على فعل شيء نابع من داخل النفس أو الجوارح: (الروح، والقلب، والعقل) وإضماره لحين التنفيذ. حاجة كامنة لسبب محدد وهدف مقصود، لشهوة أو إرادة، أو رغبة في قضاء شيء، مع تأجيل نواله لأسباب. الضمير و الوازع المتحكم في الفعل، فإذا كان عن يقين في الخير قام العمل عليها خيراً، والعكس. البعد المكاني المراد الذهاب إليه، مأخوذة من الفعل نوى أي ابتعد، ومنها: نوى القوم منزلاً؛ أي قصدوا الذهاب إليه. الفرقة، أو الفراق فكثيراً ما زخرت أبيات الشعر العربي في (النوى) الفراق بين الأحبة، وفي وقوفهم على الأطلال. هي التي تسبق العبادات ويجب الجهر بها أول الفعل وتعتبر من أسس وشروط كيفية أداء الفرائض، وتبعاً لذلك فهي سُنة نبوية مؤكدة، وشأنها عظيم إذ أنها تكون سبباً في قبول العبادة رغم أي اعتلال في أداءها أو بطلان العبادة وإن حسُنت، فإذا كانت النيَّة سليمة صلح العمل كله وكان مقبولاً، فهي في كل من: الصلاة

قال تعالى: (تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً)[ الفتح: 29].

الصوم لقد جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يبيِّتِ الصِّيامَ منَ اللَّيلِ فلا صيامَ لَه) [صحيح النسائي].
الزكاة
قال تعالى:
(وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّه) [البقرة: 272].
الحج والعمرة
 النيَّة هنا بالإضمار وهو ما خالج نفس المسلم، والإفصاح قولاً وفعلاً على اعتبار أن ما سبق من تلك العبادات: التحضير، والسعي، وبذل المال، حتى يجد نفسه المسلم أمام بيت الله تكون بعد نيَّةُ المسلم أداء الفريضة، قال ابن عابدين: "النيَّة قصد الطاعة والتقرُّب إلى الله تعالى في إيجاد فعل التعبّد"، وقد أجمعت المذاهب الأربعة لكبار الأئمة (المالكي، والشافعي، والحنبلي، والحنفي) على أن النيَّة عمل مشروط به تسبق العبادات. 

أقسام النيَّة تنقسم النيَّة من حيث اتفاق أو اختلاف الجوارح إلى ثلاثة أقسام:

الأعم، وعامّة، وخاصة:
النيَّة الأعم هذا القسم يشترك بها كافة الخلق دون استثناء،

 وتنقسم إلى قسمين:

 إرادية يمكن التحكم بها تتمثل في: فعل الخير، وتوفير الحماية، والعطاء للمحتاجين، وتقديم المساعدة دون مقابل، وفي: فعل السوء، الاعتداء على حقوق الغير، والضرب، والسرقة، لذا يعاقب عليها القانون. لا إراديّة يصعب التحكم بها مثل: المحبة، والكره، والخوف، والرغبة، والخجل، والفرح، والحزن. النيَّة العامة تجمع بين الأشخاص الذين بينهم أكثر من رابط، ويكون لهدفين: هدف شخصي، وهدف آخر جماعي تشترك في إطار واتجاه واحد، ولأنّ مفهوم الجوارح أصبح متعارف عليه وهو: الروح، والقلب، والعقل، لذا يمكن تقسيم هذا البند إلى عدد من الأقسام: من تتفق لديهم الجوارح مع الشهوة والرغبات، فالكل -الداخلي أي الجوارح، والخارجي تعني السلوك في اتجاه النيَّة قولاً وفعلاً- يسير إما للخير التام، أو السوء التام. من تختلف لديهم الجوارح مع الشهوة والرغبات، وإما أن تتغلب الجوارح، أو العكس ويتعزز هذا بفعل النيَّة والإرادة القوية. من تتعارض لديهم بعض الجوارح، كأن يتفق من الجوارح القلب مع الروح -أو المشاعر- ويرفضها العقل. النيَّة الخاصّة تكون النيَّة خالصة لله وطلباً للرضى وطمعاً في الرضوان، كأن يسعى لفعل الخير وكف الأذى عن نفسه ومجتمعه، وهذه النيَّة يعلمها الله وفق صحة الجوارح، فلا رياء، ولا تبديل، ولا كلل، يؤثر على السعي في طلبها بدأب ومثابرة مستمرة عن ثقة بالله وقوة إيمان.

النية لا تحول المعصية لعمل صالح:


 والحديث يدل على أن الأعمال لا تصح إلا مع وجود النية، وأن النية تؤثر في العمل، فتحوّل المباح إلى قربة وطاعة، وتحول الطاعة إلى معصية، كمن يفعلها رياء وسمعة أو لأجل الدنيا، لكنها لا تحول المعصية إلى مباح كما يظن ذلك بعض الناس. قال الغزالي رحمه الله في (الإحياء [4/368]) في انقسام الأعمال إلى: "معاص، وطاعات، ومباحات، وتأثير النية في ذلك: القسم الأول: المعاصي، وهي لا تتغير عن موضعها بالنية، فلا ينبغي أن يفهم الجاهل ذلك من عموم قوله عليه السلام: «إنما الأعمال بالنيات» فيظن أن المعصية تنقلب طاعة بالنية، كالذي يغتاب إنسانًا مراعاة لقلب غيره، أو يطعم فقيرًا من مال غيره، أو يبني مدرسة أو مسجدًا أو رباطًا بمال حرام، وقصده الخير، فهذا كله جهل، والنية لا تؤثر في إخراجه عن كونه ظلمًا وعدوانًا ومعصية، بل قصده الخير بالشر على خلاف مقتضى الشرع، شر آخر، فإن عرفه فهو معاند للشرع، وإن جهله فهو عاص بجهله ؛ إذ طلب العلم فريضة على كل مسلم. إلى أن قال: فإذن قوله عليه السلام: «إنما الأعمال بالنيات» يختص من الأقسام الثلاثة بالطاعات والمباحات دون المعاصي ؛ إذ الطاعة تنقلب معصية بالقصد، والمباح ينقلب معصية وطاعة بالقصد، فأما المعصية فلا تنقلب طاعة بالقصد أصلا، نعم، للنية دخل فيها، وهو أنه إذا انضاف إليها قصود خبيثة تضاعف وزرها وعظم وبالها،  كما ذكرنا ذلك في كتاب التوبة" انتهى.


   شروط قبول الأعمال عند الله تعالى:


يشترط في العبادات حتى تقبل عند الله عز وجل ويؤجر عليها العبد أن يتوفر فيها شرطان:

الشرط الأول:


 الإخلاص لله عز وجل، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} [البينة:5]، ومعنى الإخلاص هو: أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى، قال تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى . إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الليل:19-20]. 

وقال تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا} [الإنسان:9].

 وقال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى:20].

وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16].

 وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (رواه البخاري بدء الوحي [1]).

 وجاء عند مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» (رواه مسلم، الزهد والرقائق [5300]).

الشرط الثاني:


موافقة العمل للشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يُعبد إلا به وهو متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الشرائع فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:


«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»


رواه مسلم، الأقضية [3243]).


 قال ابن رجب رحمه الله: 

هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أن حديث

«إنما الأعمال بالنيات»

ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء.

 (جامع العلوم والحكم ج 1 ص 176). وأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وهديه ولزومهما

 قال عليه الصلاة والسلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» وحذَّر من البدع

 فقال:
 «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كلَّ بدعة ضلالة» (رواه الترمذي العلم [2600]) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم [2157]  قال ابن القيم: فإن الله جعل الإخلاص والمتابعة سببًا لقبول الأعمال فإذا فقد لم تقبل الأعمال (الروح [1/135]).

 قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك:2] قال الفُضَيْل: أحسن عملًا، أخلصه وأصوبه. أهمية النية [1]-

والنية تحِّول المباحات إلى طاعات وقربات، فلهذا ينبغي العناية والاهتمام بها، وجعلها لله تعالى، خالصة من شوائب الرياء والسمعة ولا شك أن تصحيح النية، واستحضارها في بداية العمل، من أعظم ما ينبغي أن يشتغل به العابد، فإن عليها مدار قبول العمل أو رده، وعليها مدار صلاح القلب أو فساده ؛ فإن القلب لا يصلح إلا بأن يكون عمله وسعيه لله خالصا مما سواه. [2]-

 يتعدد الأجر بتعدد النية في العمل الواحد، فإذا دخل المسلم المسجد متوضئًا، فصلى ركعتين ينوي بهما سنة الفجر، وسنة الوضوء، وسنة تحية المسجد، حصل له أجر ما نوى، والله ذو الفضل العظيم. قال النووي رحمه الله تعالى: "لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَحَصَلَ لَهُ الْفَرْضُ وَالتَّحِيَّةُ جَمِيعًا “ (انتهى من المجموع [325/1]). وقال الغزالي في (إحياء علوم الدين [4/370]- [371]):

 "الطَّاعَاتُ.. مُرْتَبِطَةٌ بِالنِّيَّاتِ فِي أَصْلِ صِحَّتِهَا، وَفِي تَضَاعُفِ فَضْلِهَا. أَمَّا الْأَصْلُ فَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا عِبَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا غَيْرُ، فَإِنْ نَوَى الرِّيَاءَ صَارَتْ مَعْصِيَةً. وَأَمَّا تَضَاعُفُ الْفَضْلِ فَبِكَثْرَةِ النِّيَّاتِ الْحَسَنَةِ، فَإِنَّ الطَّاعَةَ الْوَاحِدَةَ يُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا خَيْرَاتٍ كَثِيرَةً، فَيَكُونُ لَهُ بِكُلِّ نِيَّةٍ ثَوَابٌ إِذْ كل واحدة منها حسنة ثم تضاعف كل حسنة عشر أمثالها كما ورد به الخبر. وَمِثَالُهُ: الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ طَاعَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ فِيهِ نِيَّاتٍ كَثِيرَةً حَتَّى يَصِيرَ من فضائل أعمال المتقين، ويبلغ به درجات المقربين. أَوَّلُهَا: أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ بَيْتُ اللَّهِ، وَأَنَّ داخله زائر الله فيقصد به زيارة مولاه رجاء لما وعده به رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قال: «من قعد في المسجد فقد زار الله تعالى وحق على المزور أن يكرم زائره». وثانيها:

 أَنْ يَنْتَظِرَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وثالثها التَّرَهُّبُ بِكَفِّ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْأَعْضَاءِ عَنِ الْحَرَكَاتِ والترددات، فإن الاعتكاف كف، وهو في معنى الصوم وهو نوع ترهب. ورابعها: عُكُوفُ الْهَمِّ عَلَى اللَّهِ، وَلُزُومُ السِّرِّ لِلْفِكْرِ فِي الْآخِرَةِ، وَدَفْعُ الشَّوَاغِلِ الصَّارِفَةِ عَنْهُ بِالِاعْتِزَالِ إلى المسجد. وخامسها: التَّجَرُّدُ لِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ لِاسْتِمَاعِ ذِكْرِهِ وَلِلتَّذَكُّرِ به. وسادسها: أَنْ يَقْصِدَ إِفَادَةَ الْعِلْمِ بِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، إِذِ الْمَسْجِدُ لَا يَخْلُو عَمَّنْ يسئ في صلاته أو يتعاطى مالا يَحِلُّ لَهُ. وسابعها: أَنْ يَسْتَفِيدَ أَخًا فِي اللَّهِ. وثامنها: أَنْ يَتْرُكَ الذُّنُوبَ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَيَاءً مِنْ أَنْ يَتَعَاطَى فِي بَيْتِ اللَّهِ ما يقتضي هتك الحرمة. فَهَذَا طَرِيقُ تَكْثِيرِ النِّيَّاتِ، وَقِسْ بِهِ سَائِرَ الطاعات والمباحات، إِذْ مَا مِنْ طَاعَةٍ إِلَّا وَتَحْتَمِلُ نِيَّاتٍ كَثِيرَةً، وَإِنَّمَا تَحْضُرُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِقَدْرِ جدِّهِ فِي طَلَبِ الْخَيْرِ، وَتَشَمُّرِهِ لَهُ، وتفكره فيه، فبهذا تزكوا الْأَعْمَالُ وَتَتَضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ" انتهى.


  وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "إذا توضأ الإنسان صلى ركعتين ينويهما سنة الوضوء، وإذا دخل المسجد بعد الوضوء صلى ركعتين ينويهما سنة التحية وسنة الوضوء، يحصل له الأجر، أجر سنة الوضوء وأجر تحية المسجد والحمد لله، فضل الله واسع، وإذا صلاها بنية راتبة الظهر، توضأ ودخل المسجد ونوى سنة الظهر وسنة الوضوء وتحية المسجد حصل له ذلك، والحمد لله". (انتهى من فتاوى نور على الدرب [11/ 57]).  


 أنواع النية واعلم أن النية نوعان: 


 نية مفروضة


ولا تصح العبادة إلا بها، كالنية في الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج، وهذه النية لا يكاد يغفل عنها أحد، فإذا توضأ الإنسان ليصلي أو ليمس المصحف أو ليكون طاهرًا، فقد أتى بالنية. فقصد الصلاة، أو قصد رفع الحدث، هذا هو النية في الوضوء. وإذا قام المرء للصلاة، وهو يعلم أنها صلاة الظهر مثلًا، فقصدَ أن يصليها وأقبل عليها، فقد أتى بالنية، ولا يجب -بل ولا يشرع- أن يقول بلسانه نويت أن أصلي صلاة الظهر حاضرة... إلخ، كما يفعله بعض الناس، فإن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل النية محلها القلب. وهكذا إذا عزم الإنسان من الليل على أنه سيصوم غدًا، فقد نوى الصوم، بل تناوله طعام السحور، يدل على قصده الصوم وإرادته له. فالنية بهذا المعنى يصعب أن ينساها الإنسان. [2]-

النوع الثاني:

 نية مستحبة

 لتحصيل الأجر والثواب، وهذه التي يغفل عنها بعض الناس، وهي استحضار النية في المباحات، لتكون طاعاتٍ وقربات، كأن يأكل ويشرب وينام بنية التقوي على الطاعة،
 كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ» (رواه البخاري [56]).
 وقال معاذ رضي الله عنه: "أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي" (رواه البخاري [4088]).
فكان رضي الله عنه يحتسب الأجر في النوم، كما يحتسبه في قيام الليل، لأنه أراد بالنوم التقوّي على العبادة والطاعة. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "ومعناه أنه يطلب الثواب في الراحة كما يطلبه في التعب ؛ لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصلت الثواب" انتهى. والذي يعين على استحضار هذه النية: التأني والتدبر وعدم العجلة، فيفكر الإنسان فيما يأتي ويذر، ويحاسب نفسه قبل العمل، فينظر هل هو حلال أو حرام، ثم ينظر في نيته: ماذا أراد بذلك؟ فكلما حاسب نفسه، وعودها النظر قبل العمل، كلما كان ذلك أدعى لتذكره أمر النية، حتى يصير ذلك ملكةً له، وعادة يعتادها، فلا يخرج ولا يدخل، ولا يأكل ولا يشرب، ولا يعطي ولا يمنع، إلا وله نية في ذلك، وبهذا تتحول عامة أوقاته إلى أوقات عبادة وقربة.



 نسأل الله تعالى أن يوفقنا للإخلاص في النية والقول والعمل والله تعالى أعلى وأعلم 

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى 

آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.


نتيجة بحث الصور عن النية

مشاركة مميزة

الزبيب و فوائده

يتكرر ذكر "حفنة من الزبيب" في التراث والطب الشعبي، ولكن حديثاً بدأت الدراسات التغذوية الإكلينيكية تتحدث أيضاً عن حفنة الزبيب، فما ...