مجموعة قصص
ذكر لي أحد الأخوة الثقات ، قال : ذهبت أنا وأحد الإخوة كعادتنا لدعوة الشباب في المقاهي والاستراحات والأرصفة، فتوقفنا عند استراحة ، سمعنا فيها غناءً ، فطرقنا الباب ، وأذن لنا ، فعندما دخلنا عليهم توقفوا عن الغناء احتراماً لنا ، ولكن أحدهم لم يرض عن وجودنا بينهم فأصبح يكيل لنا الشتائم والسب واللعن، وينفخ في وجوهنا دخان الشيشة ، فبعد أن تكلم الأخ الناصح بما فتح الله عليه ذهبنا ، ولكن صاحبي هذا أبى إلا أن ينتظر الرجل الذي شتمنا وتلفظ علينا بالسب . سألته : لماذا؟ .
قال : سوف ترى عندما يخرج . فبعد ساعتين من الانتظار إذا بصاحبنا يخرج من الاستراحة ، فنزل له صاحبي ليدعوه ، وقرب منه، فبصق في وجه صاحبي ، فمسحها ، وحاول معه أخرى فبصق عليه مرة أخرى ودفعة ، فرجع صاحبي إلي وطلب مني اللحاق به ، فسألته : لماذا؟ قال : ستعرف غداً .
ثم تبعنا هذا الأخ حتى عرفنا منزله ، فتواعدنا أ، نصلي المغرب في المسجد القريب من دار صاحبنا المقصر ، وبعد صلاة المغرب ذهب صاحبي ، وطرق الباب على ذلك الرجل الذي بصق في وجهه البارحة ، وما إن رآه إلا وبادره بالشتم واللعن كعادته، فأمسك صاحبي برأٍه ، وصار يقبله ويرجوه أن يسمح له بالدخول لمدة ربع ساعة فقط ، وفعلاً استطاع صاحبي إقناع الرجل ، ودخل عنده ، وتبعتهم ، وبدأ صاحبي بالوعظ ، وبعد عشر دقائق بكى الواعظ والموعوظ ، وبكيت أنا معهما .
طلب صاحبي من صاحبنا المقصر أن يغتسل ويتوضأ ، فقام الرجل فاغتسل وتوضأ ، ثم صلينا العشاء سوياً في المسجد ،وانتظم هذا الرجل على الصلاة ، وحافظ عليها .
لم تنته القصة بعد ، العجيب في الأمر أن هذا الرجل قد توفي بعد عشرين يوماً فقط من استقامته وهدايته – رحمة الله -.
وقفه : ما أجمل الصبر من أجل الدعوة إلى الله .
في أحد مجالس الذكر عن فضائل بر الوالدين قال أحد الدعاة: حصلت هذه القصة معي ووالله ما أخبرت بها إلا من أجل الفائدة والاستفادة بين إخواني وأحبابي في هذا المجلس.
يقول: في بداية طريقي للاستقامة كانت والدتي وفقها الله تقول لي دائماً \" يا ولدي كان تريد الله يرضى عليك اعفي لحيتك \" وكانت والدتي لها محبة كبيرة في قلبي وتأثرت بهذه الكلمة منها وأسأل الله أن يطيل عمرها على الطاعة فهي كبيرة في السن وتحفظ ثلاثة أجزاء وتدرس في تحفيظ القرآن الكريم في المسجد. قالت لي: دعها والله أنك جميل بهذه اللحية .
وفي أحد الأيام كانت أمي تشاهد قناة المجد العلمية في المنزل وكان أحد المشايخ يلقي محاضرة في المسجد وعدد كبير من الناس من حوله يستمعون إليه.
قالت: يا ولدي الله يجعلني أراك تصبح مثله تحدث على الناس.
فقلت لها: آمين. ادعي لي بالثبات يا أمي وأن أصبح مثله أو أحسن. قبلت رأس والدتي وذهبت إلى عملي.
بعد أيام اتصل بي أحد الزملاء وقال: ما رأيك عندي مسجد صغير أريدك تتعلم الخطابة فيه وأغلب هذا المسجد من الجاليات الأجنبية ولا يجيدون اللغة العربية.
قلت: لا أستطيع فعل ذلك. قال استعن بالله وخذ ورقة وسوف أساعدك. فقلت: أبشر.
فرتب لي خطبة قصيرة وذهبت معه يوم الجمعة لأول مرة أخطب في حياتي، وبحمد لله عدت بسلام واستمريت على هذا الحال ثلاث سنوات أخطب بالأجانب وبعد عدة شهور اتصل بي إمام المسجد وقال لي: أنا سوف أسافر هذه الليلة وأريدك أن تخطب عني أو تبحث لي عن بديل للخطبة.
فقلت: أبشر بإذن الله، ولأول مرة أخطب في حياتي أمام الجيران من أهل الحي والأصدقاء فصعدت المنبر ورددت السلام وإذا بالمسجد امتلأ تماماً بأكمله ثم جلست.
ووالله إني تذكرت دعاء والدتي وأنا على المنبر أنظر إلى الناس وقد امتلأ المسجد إلى آخر الباب.
وبعد شهرين تقريباً استأذنت من إمام المسجد أن ألقي دروس تربوية من الأحاديث النبوية في كل يوم سبت وثلاثاء بعد العصر في المسجد فوافق الإمام جزاه الله خيرا واستمريت على هذا الحال لمدة ثلاث سنوات بحمد الله.
وأتممت حفظ كتاب الله بفضل الله عز وجل، وانطلقت في نشر الدعوة إلى الله بإلقاء الكلمات في المساجد، وهذا من فضل الله ثم بفضل دعاء والدتي.
أقسم بالله لم أتوقع يوم من الأيام أن أصبح خطيباً أو داعية كما تروني بل سبحان الله أصبحت في المناسبات بين الأقارب ألقي لهم كلمات وأصبح الزملاء ينسقون معي لألقي لهم كلمات بمسجدهم .
سبحان الله! انا أعرف نفسي والله كنت لا شيء لولا الله ثم دعاء والدتي..
ثم قال الداعية في المجلس: يا إخوان من أراد التوفيق والسعادة ورضى الله تعالى فعليه بعد طاعة الله ببر الوالدين.
الفوائد من هذه القصة:
1- دعاء الوالدة غير حياة هذا الشاب وأصبح داعية معلم الناس الخير.
2- الاستمرار في الأعمال الصالحة.
3- بر الوالدين والحرص على رضاهم من أسباب التوفيق والسعادة ورضى الله عز وجل .
القصة الرابعة :
استعنت بربي وأمسكت قلمي، وتذكرت من سنن هذه الحياة الرضا بالقضاء والقدر، كم من صديق وقريب فقدناه، وكم من أشخاص نعرفهم نسلم عليهم في الصباح ونعزيهم في المساء.
نعم إنه هاذم اللذات لا يعرف صغير ولا كبير ولا غني ولا فقير ولا نعلم متى اليوم الذي يقولون \" فلان مات \" قد يأتيك وأنت في بيتك وبين أسرتك وقد يأتيك وأنت في عملك على مكتبك.. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( أكثروا من ذكر هاذم اللذات) أخرجه الترمذي.
فقلت لعلي أكتب بعض القصص الواقعية التي سمعتها وتأثرت بها، لعل الله عز وجل أن ينفع بها .
القصة الأولى: يقول أحد الدعاة وهو مغسل أموات في مدينة الرياض في جامع الراجحي يقول: أتت إلينا جثة شاب في الصباح وأردنا أن نغسله ونصلي عليه صلاة الظهر ومعي أحد الأصدقاء فبدأنا في تغسيل الميت وفي أثناء التغسيل أتاني اتصال ضروري من الوالدة فاستأذنت من صديقي فأذن لي وقلت له: بإذن الله نتقابل في صلاة الظهر بالجامع.
فأدركت الركعة الأولى مع الإمام بالجامع وبعد الصلاة قال الإمام: الصلاة على الرجلين يرحمكم الله وحين الانتهاء من الصلاة سألت الشيخ قلت يا شيخ: إن المتوفي شخص واحد؟! قال: نعم. ولكن صديقك الذي يغسل معك أتاه ملك الموت في المغسلة وغسلناه وصلينا عليه مع الذي غسله .
القصة الثانية: يخبرني أحد الثقات يقول كانت هناك جنازة امرأة في مسجدنا وصلينا عليها صلاة الظهر وفي صلاة العصر صلينا على جنازة رجل ولم يصلي بنا إمام المسجد فعندما سألنا عن المتوفي قالوا: إمام هذا المسجد الذي صلى بكم الظهر على جنازة المرأة.
القصة الثالثة: تخبرني الوالدة –أطال الله عمرها على الطاعة- بقصة صديقة لها تقول تخبرني صديقتي بوفاة زوجها، تقول أتى من عمله الساعة الثانية ظهراً فقلت له هل تريد إحضار وجبة الغداء، فقال: لا دعيها بعد صلاة العصر أريد أنام فنبه جواله على أذان صلاة العصر وقال إذا لم أستيقظ فأيقظيني فدخل غرفته ثم خرج منها ثم لعب مع أبناءه ثم دخل غرفته فنام وأذن العصر ورتفع صوت منبه جواله ولم يستيقظ فقلت لعله متعب.
فذهبت إلى غرفته لكي يصلي صلاة العصر فنادينه ولأكن لا حياة لمن تنادي وحركه وكانت الصدمة الكبرى أنه فارق هذه الحياة.
القصة الرابعة: أحد أصدقائي تأثرت منه كثيراً توفي رحمه الله يوم الثلاثاء 26/7/1432هـ كان معي في الجامعة وسدد رسوم الجامعة لكي يختبر واتصل بي وقال: لو تكرمت يا أحمد أريدك أن تنزل لي جميع المواد عن طريق الموقع وقمت بإنزالها ثم قبل الاختبارات بأسبوع اتصل بي قريب له وقال يا أحمد حسن متعب جداً بالمستشفى أتمنى أن تسحب دراسته هذا الترم ولعله بإذن الله يكمل الترم القادم.
وفعلت ذلك وبعد الانتهاء من الاختبارات بأسبوعين اتصل بي قريبه وقال: ادع لأخيك حسن توفي رحمه الله.
يا سبحان الله ما كان يتوقع أنه سيرحل من هذه الحياة خلال هذه الأيام، رسوم مسدده بالجامعة ومواده نزلتها ولكن الشخص فارق هذه الحياة..
الفوائد من هذه القصص:
1- أن الإنسان لا يعلم متى يزوره ملك الموت فليكن دائماً مستعداً له وليكثر من أعمال الخير .
2- أوصيك ثم أوصيك أن تكسب الناس بأخلاقك وأفعالك ولا تحمل الحقد والحسد على أحد من الناس .
3- تذكر الموت وتذكر الجنة والنار واختر لنفسك المصير واسأل نفسك هل أنت راض على حالك وأعمالك.
4- زر المقابر وأصلح ما بينك وبين الله عز وجل ثم أصلح ما بينك وبين الناس .
5- اسأل الله دائماً حسن الخاتمة وكثرة الأعمال الصالحة.
هذه قصة فيها عبرة وقد حصلت لي شخصيا ولم ينقلها لي أحد وأنا هنا سأنقلها لكم كما حصلت لعل قارئا ينتفع بها,,,,
او يائسا تبعث الأمل في قلبه,,,
أو مستعجلا قد استحسر وترك دعاء ربه!!
في يوم الاربعاء 22-4-1423 هـ
في صلاة الظهر في الحرم المكي وتحت حجرة المؤذنين اشار الي أحد الاخوة بعد اقامة الصلاة الى سد الفرجة بجانبه فتقدمت وبعد الفراغ من الصلاة تأخرت الى الخلف قليلا لأتربع وآخذ راحتي في التسبيح فنظرت الى الرجل وإذا هو رث الهيئة كأنه من فقراء الحرم وإذا عليه مظهر السكون والخشوع وقد وضع يديه على فخذيه ويدعو ربه على استحياء فأدخلت يدي الى جيبي الى دراهم مربوطة من فئة ريال وخمسة ريالات وعشرة فأخرجت خمسة ريالات فقبضتها في يدي واقتربت منه ثم مددت يدي للسلام عليه وهي بيدي فسلم علي واحس بالمال في يدي فنزع يده من يدي وقال شكرا جزاك الله خيرا ولم يعرف كم المبلغ؟؟
فقلت أما تقبلها؟؟
فلم يرد علي فأحسست أنه من الذين يتعففون ولم يقبلها,,
فرددتها في جيبي وتأخرت قليلا وأديت السُنّة واذا بالرجل يلتفت علي مرارا كأنه ينتظرني لأفرغ من صلاتي!!
فلما فرغت جاء بجانبي وسلم علي
وقال: كم أعطيتني؟؟
قلت:انا اعطيتك,,, وانت رددتها وما عليك سواء كانت ريالا او مئة!!
فقال أسألك بالله كم اعطيتني؟
قلت: لاتسألني بالله انتهى مابيني وبينك!!
قال انا "سألت ربي خمسة ريالات" فكم اعطيتني؟
قلت والله الذي لااله الا هو ان الذي اعطيتك خمسة ريالات فبكى الرجل فقلت هل تحتاج اكثر؟؟ قال لا!!
ثم قال: سبحان الله كنت انت تضع الدراهم في يدي وانا مازلت اسأل ربي!!
فقلت: لماذا اذا رددتها؟؟
قال لم اكن اتوقع سرعة الاستجابة بهذه الصورة فقلت له سبحان الله!!
ان الله سميع قريب مجيب ولن ينزل هو ليعطيك ماسألت ولكنه سيسخر لك من عباده من يقضي لك حاجتك!!!
فأعطيته الخمسة ريالات ورفض ان يأخذ غيرها.
فسبحان الله العظيم (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان).
حَزَمت "نَبيلة" أمتعتها استعدادًا للعودةِ إلى أرض الوطن، فلمْ يبقَ على حلولِ شهر رمضان المبارك سوى يومين، وهي حريصة كل الحرصِ على قضائه في ديارها بين أهلها وجيرانها والأصدقاء، فلشهر رمَضان حضور مميَّز في بلادها، تفرح بمجيئهِ المساجد ودور الأيتام وقلوب المؤمنين، فتتمايلُ حبًّا وخشوعًا وحَنينًا.
اسْتَقبَلت الشَّهر الكريم بابتسامةٍ ودمعَةٍ، وكانت في سِباقٍ مع الوقتِ للانتهاءِ مِن ترتيبِ البيتِ وتهيئةِ الأجواءِ لتكونَ أكثر استقرارًا، لكي تَنعم بزيارة ضيفها العزيز، فما أسرع تَعاقب الأيام وانْطِواء الليالي!
نظَّمت جدول العبادات فيما بينها وبين نفسها، متأسيَّة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ، فقد كان يكثر فيه من الطاعات، ويجدُّ ويجتهد، وكان كالريح المرسلة في جوده وكرمه، لا يمسك فيه شيئاً.
" يا حسرتى..!
لقد بدَّدنا الكثير مِن المال أثناء رحلة سفرنا الصَّيفيَّة، ولمْ أدَّخر شيئًا لأتصدَّق به في هذا الشهر الكريم، وإني لأستحيي مِن أن أمدَّ يَدي لوالدي وأطلب منه مصروفًا استثنائيًّـا."
هطل النَّدم على قلبها كهطول الوابل الصيِّب، فقد أحبَّت الصَّدقة واتخذتها ذلك الخبء من العَمل الصَّالح الذي بينها وبين خالِقها، فاحتفظت بحصَّالة صَغيرة بين أشيائها لكي لا تصل إليها عيون الفضوليين، فيكثرون الأسئلة فتتلوَّث النَّـوايا بشوائب الرِّياء.
أخذت تفكِّر بطريقة مَشروعَة لكسبِ مالٍ حَلال تنفقه في سبيل الله في هذا الشَّهر الكريم، فلمْ تهتدِ، فبكَت ودعَت الله ألَّا يحرمها فضل الصَّدقة في هذا الزمن المُبارك بسبب ذنوبٍ خفيَّـة..!
ذات مساء، أثناء تجوالها في كتاب (رياض الصَّالحين) قرأت حديثًا أزاح عنها بعضًا من الحزن الذي سكن فؤادها على صدقتِها المقيَّدة، فعندما يتعلَّق القلبُ بإحدى العبادات إيمانًا ورجاءً يصعبُ عليهِ ـ بعد ذلك ـ تركها، أو نقض عهده معها..!
عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَىٰ كُلِّ سُلاَمَىٰ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ . وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئ مِنْ ذٰلِكَ: رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَىٰ».
" سأجتهد قَـدْرَ استطاعتي بَل أكثر.. اللهم عَونَـك"
يرن جرس الهاتف، فترفع السَّماعة وتجيب المتَّصل...
- السلام عليكم.
- وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بشقيقتي الغالية.
- ألا تريدين الذهاب إلى السُّوق لشراء ملابس العيد؟
- لقد اشتريت ثوبًا جميلا أثناء سفري لهذه المناسبة السَّعيدة.
- لم تخبريني بالأمر! هل وارَيتِه عن الأنظار كما يفعل الأطفال!
- نعم، ليكون مفاجأة.
- وماذا عن العباءةِ والحذاء وغيرها من الحاجيات.
- سأسأل الوالد وأستأذنه، ثم أخبركِ إن شاء الله.
- هل عادَ والدي مِن صلاة التَّراويح.
- نعم، وينتظر "القطايف" وفنجان القهوة.
- حسنًا، لا تتأخري عليَّ برد الجواب، لا أريد تأجيل الأمر، فكما تعلمين العشر الأواخِر على الأبواب، ولابد من التَّـفرغ للعبادة.
- بلَّغنا الله ليلة القدر، ومنَّ علينا بالعِتق.
- اللهم آمين.
اجتمعت الأسرة حول "صحن" القطايف وفنجان القهوة في جلسة عائليَّة حميمَة، فقالت "نبيلة" على استحياء:- والدي الحبيب، العيدُ قاب قوسين أو أدنى.
ابتسم الأب الحاني وأدرك مغزى الكلام، وردَّ ممازحًا: - كل عام أنتِ بخير يا ابنتي.
- وأنت بخير وصحة وسلامة..!
- والعيد لا يحلو إلا بلبس الجديد، أليس كذلك؟
- بلى، بلى، يا أجمل أب.
- ماذا تريدين؟
- شراء عباءة جديدة وحذاء ـ أكرمك الله.
- وكم تريدين؟
- ما تجود به نفسك، مع جزيل الشُّكر وخالص الدعاء.
لمعت في رأسِها فِكرة، فطربت لها..!
"سأشتري حِذاء رخيصًا، وعباءةً بسعر متوسط، وسأحتفظ بالباقي لأتصدَّق به."
كان المبلغ زهيدًا فاحتارت أين تضعه؟!
هل تَـهبه كَسَهم في وقفيَّة؟ أم تصرفه ـ كما تفعل كل شهر ـ إلى قطع نقديَّـة، وتتصدَّق بشكل يوميّ بإيداع تلك القطع في الحصَّالة!
هَفَتْ النَّفس إلى ما اعتادته، فذهبت إلى الجمعيَّة التَّـعاونيَّة القريبة مِن منزلها لتصرف المبلغ الزهيد إلى فئة "الخَمسين فلس"، لكنها لم تفلح..
تردَّدت على المكان أكثر مِن مرة دون فائدة، لعدم وجود الشَّخص المسؤول عن هذا الأمر، فجَثَمَ شعور صَلد بالتَّـقصير على صَدرها..
"أيَـمرّ شهر رمضان بأكمله دون أن أتصدَّق بفلس؟!!
يـا وَيْـلي!"
---
بينما هي جالسة تَتْلو آيات الذَّكر الحكيم بترتيل وتدبُّر ـ ساعة الضحى ـ رنَّ جرس الهاتف، فقطعَت قراءتها وأجابت المُتَّصِل...
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
- هل الوالدة موجودة؟
- نعم، مَن يريدها؟
- "مبَّرة طريق الإيمان".. لقد اتفقنا مع الوالدة أن نرسل لها مندوبنا ـ اليوم ـ لتحصيل مساهمتها في مشروع "كسوة يتيم"، وها هو في طريقه إليكم، فهل أنتم مستعدون؟
- نعم، حيَّاه الله، وجزاكم الله خيرًا.
أجابتها بتلقائيَّة وعفويَّة، ثم خبَّرت والدتها بالأمر...
- سامحكَ الله يا ابنتي، لِـمَ لَـمْ تستشيريني؟
- لقد قالت الأخت إن بينكما موعدًا مُبرمًا..!
- لقد نسيتُ أن أطلب مِنك أن تَسحبي لي مَبلغًا من آلة الصَّرف الآلي، ولا يتوفر معي أيّ مَبلغ الآن، فما العمل؟
- لا عليكِ ـ يا أمَّاه ـ لديّ مبلغٌ زهيدٌ سأتصدَّق به.
تسلَّل شيء مِن الرضا إلى قلبها، على الرَّغم مِن إحساسها الدائم بالتَّقصير!
حاولت دفع ذلك الإحساس مِرارًا، خشيةَ أن يكون مَدخلا مِن مداخل الشَّيطان، ووسوسةً تعيقها عَن أداء مختلف العبادات!
حَمَدَتْ الله أن يسَّر لها هذه الصَّدقة قُبيْلَ حلول العِشر الأواخر، وجعلت مِنها حافزًا للاجتهاد في الطاعة فيما تبَّقى من شهر رمضان.
انشغل الجميع بالعِبادة، وتوافد المسلمون على مضمار السَّبق في هذه الليالي المُباركة، كلٌّ يَرجو عفو الله ورحمته.
---
الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر.. الله أكبر
ولله الحمد
وأشرقَتْ شمسُ العيدِ دافئةً رضيَّـةً، وسارَعَ الأحباب إلى تبادل التَّـهنئة، وسارَعَتْ هي إلى تهنئة أخوات حبيبات، قريبات بَعيدات، ربطها بهن إسار الأخوَّة في الله رغم غِياب الرَّسم والصُّورة!
جلست أمام جهاز الحاسوب، وقامت بإعداد بطاقة تهنئة بما لديها مِن معلومات قليلة في عِلم التَّـصميم، وأهدتها إلى كلِّ مَن تحبّ.
بعض الأمكِنة لها منزلة خاصَّة في القلوب، قد نُدرك سبب تميِّزها أحيانًا، وأحيانًا أخرى قد نجهله، إلا أن الشُّعور بالأنس الذي يغشانا عندما نزورها يؤكد على تميِّزها في قلوبنا، هكذا كان حالها مع "الـمُـلتقى"!
أخذَت تتصفَّحه على عَجَل، فوقع بصرها على موضوع شيِّق:
«« ✿ مسابقة العيد ✿ دوحة الذكر ✿ »»
لَمْ تكن يومًا مُغرمة بالمسابقات، لكنَّها ترغب بالمشاركة، حبًّا في المكان وأهله، ودعمًا مِنها لأنشطته وفعالياته، وشيئًا مِن مَرح الطفولة وحَماسَة الصِّبا يراودها صَبيحة يوم العيد.
نَسَخَت الأسئلة، واحتفظت بها في ملف جديد، لتسهل العودة إليها متى أرادت، فما زال في الوقتِ مُتَّسع.
اختَلَتْ فجر الجمعة مع أسئلة المُسابقة وبدأ البَّحث والتَّقصي عن الجواب الصَّحيح لكل سؤال، مُستعينة ببرنامج "جامع المُصنَّفات الإسلاميَّة الكبرى"، ثمَّ أرْسَلَت أجوبتها إلى الأخت المسؤولة عبر الرسائل الخاصَّة، وعادت مِن جديد إلى صفحة المُسابقة تتأملها لتكتشف أن اللجنة المُعدَّة لم تكشف السِّتار عن الجوائز..!
ابتَسَمَت قائلة: - أكبر جائزة أن تحصل على فائدة.
حان وقت لقائها مع الحاسوب ـ كعادتها كل صباح ـ ومع تصفِّح المنتديات المُشاركة فيها، وبالطّّبعِ لَمْ تَنسَ مُلتقاها العَـزيز...
|--*¨®¨*--|نتائج مسابقة العيد|--*¨®¨*--|
]نبارك لجميع حبيباتنا المشاركات الفوز بمسابقة العيد، شاكرات لهن حسن التفاعل[
"يا للفرحَـة..كلُّنـا فائزات!"
]ولذلك قررت الإدارة مشاركة الجميع في الجائزة بالتَّساوي؛ والجائزة هي :
حفر بئر في إحدى الدول الإسلامية الفقيرة، بقيمة: 3550 ريالا
ومساهمة في كفالة يتيم، بقيمة: 1000 ريالا
لكلِّ فائزة سهم بقيمة: 650 ريالا[
اقْشَعَرَّ جلدُها، اغْرَوْرَقَت عيناها بالدُّموع، لهجَ القلب بالحمد، ثمَّ خرَّت ساجِدَةً لله في خشوع.. سَجـدة شُـكـر.
كان يوماً عادياً من أيام شهر يناير من العام المائة بعد الألفية الثانية من الميلاد، ولم يكن الجو حاراً كغالب أيام السنة في كافة أنحاء العالم بينما كان الغبار الملوث يملأ الجو كسائر بقاع الكرة الأرضية منذ نهاية الحرب العالمية الثالثة رغم مرور أكثر من عشرين عاماً عليها.
ورغم مخلقات الأكسجين الصناعية التي تملأ الطرقات إلا أن البروفيسور الشاب كان يرتدي قناع التنفس ولم يستطع أن يخلعه قبل أن يدلف إلى مكان عمله اليومي بالجناح العلمي في الجهة الخلفية من القاعدة العسكرية العملاقة التابعة للإدارة المركزية للعالم الجديد.
كان الضجر يبدو عليه بوضوح بسبب إجراءات الأمن اليومية المحكمة، إلا أنه كان يشعر بالتفاؤل الشديد بسبب رطوبة الجو في هذا اليوم كحالة استثنائية وهي الظاهرة التي بدأت تتكرر كل بضعة أشهر في السنوات الأخيرة بما يبشر بالخير واحتمالية أن يبدأ مناخ الأرض بالعودة التدريجية إلى سابق عهده.
تذكر البروفيسور أجواء ما بعد الحرب الكونية الهائلة التي أدركها بعد نجاته و والدته من جحيمها بينما قضى فيها والده الذي كان عالماً في الكيمياء النووية في جيش البحرية، وربما كان أحد أبطال هذه الأحداث، وتذكر أيضاً كل ما درسوه له عن أحداث هذه الحرب.
كان يحدث نفسه كم أن البشرية أجرمت في حق نفسها وقضت على كل مكتسباتها عبر التاريخ، وكيف أن الاحتباس الحراري قد بلغ ذروته بعد هذه الأحداث بحيث أغرقت مياه المحيطات أغلب جزر العالم ومحتها من الوجود وكيف زالت دول بأكملها من على خارطة العالم وعمت الحياة البدائية كل أنحاء ما كان يعرف يوماً بالمعمورة.
وبينما هو غارق في أفكاره إذ ألقى عليه \"أكمل\" تحية الصباح بلكنة شرقية واضحة فتبسم ضاحكاً ليرد عليه التحية ويسأله عن سبب الحديث بلكنته الأصلية ولماذا لا يتحدث اللغة العالمية الموحدة في عصر ما بعد العولمة الإجبارية؟!
\"وأكمل\" هذا ـ لمن لا يعرف ـ ليس صديقاً للبروفيسور ولا موظفاً عنده وإنما هو \"الفريزينج إيست براين\" أو العقل الشرقي المجمد ؟!
وهو العقل الإلكتروني المركزي الذي يتحكم بجميع الدوائر والشبكات الإلكترونية في العالم، بدءاً من البث الفضائي والمراصد الأرضية والفضائية ، وانتهاءًً بالدوائر المغلقة والصنابير الإلكترونية ومصابيح الإنارة وغيرها، وباختصار هو العقل المركزي المسئول عن التحكم في كل مرافق الحياة الحيوية ، كما أنه العقل الحاوي لخلاصة العلوم البشرية التي أمكن اختزانها والحفاظ عليه أبان الأحداث العالمية المدمرة.
وتعجب البروفيسور من \"أكمل\" وكأنه يتعامل معه للمرة الأولى وبدت له فكرة السيطرة على هذا العقل البشري الشرقي مخيفة وعجيبة فبعد الحرب الكونية الكاسحة وضياع أغلب مقدرات البشرية اضطرت الدول العظمى إلى استخدام مشروعها السري الخطير و الطارئ!
ويعتمد هذا المشروع على تجميد عقل بشري ـ ذي مواصفات خاصة فائقة ـ بغسله وحقنه بمادة تعمل على الحفاظ على الخلايا العصبية ورفع كفاءتها آلاف المرات كما أنها تساعد على السريان الكهربي فيها بسرعة أعظم من أي موصلات صناعية إلى مراحل لا متناهية.
ومع أن المشروع يبدو في ظاهره غير أخلاقي إلا أنه كان الحل الوحيد للحفاظ على مكتسبات الحضارة الإنسانية أو هكذا تم تبريره في المقررات التي درسها البروفيسور.
ويبدو أيضاً أن المواصفات الفائقة المطلوبة في العقل المخلق بشرياً لم تتوافر إلا في عقل العالِم الشرقي \"أكمل\" الذي قيل أنه خضع اختيارياً للتجربة مع غيره من العقول إلا أنه كان الأكثر تميزاً، وقد اكتفت الإدارة العسكرية للعالم بتكريمه بعمل تمثال رمزي له في أحد الميادين، وقد تمت إزالته ـ للأسف ـ منذ عدة سنوات لأغراض إنشائية؟!
أعرض البروفيسور عن أفكاره التي اعتبرها متطرفة وبدأ إدارة عمله المعقد في محاولة صيانة العقل الإلكتروني المخلق بشرياً ولكن الشعور الغريب الذي يراوده كلما ابتدأ هذا العمل سيطر عليه بشكل كامل مرة أخرى كالعادة؟!
وتذكر كل التقارير التي كتبت من قبله والتي تحدثت عن أشياء مماثلة إلا أنها أكدت على الجودة الخارقة للعقل المجمد، ولكنه تساءل عن صحة الأبحاث الغريبة والسرية التي أكدت قدرة \"أكمل\" بث بعض الأفكار عبر الأثير والتي تحمل بعض أفكار صاحبه الأصلي ومعتقداته؟!
وعندما وصل إلى هذا الحد شعر بخوف شديد ورعدة تنتابه مما حدا به إلى نزع الوصلات التي كان قد وضعها على معصميه والخوذة المعقدة التي ارتداها فوق رأسه، وهي أدوات التواصل مع \"أكمل\".
ولكنه تذكر على الفور أن هذه الأبحاث لاقت معارضة شديدة من الإدارة المركزية حتى تم تجريمها بموجب قانون عسكري متشدد ، ألقي بسببه عشرات العلماء في غياهب السجون.
تلفت البروفيسور حوله خشية أن يكون أحد قد رآه، وشعر ببعض الحرج من نفسه فأعاد الوصلات سريعاً كما كانت وبدأ في ممارسة عمله ويديه تعمل بسرعة خبيرة على لوحة الأزرار العريضة أمامه وتذكر أن الأمر لا يحتمل العبث فهو وزملاؤه الآخرون يعملون بشكل يومي ودائب للحفاظ على كفاءة عمل \"أكمل\" وإلا تعرض أمن العالم وسلامته للخطر الشديد.
راقب البروفيسور كل المعطيات والبيانات التي تختزن أو تصدر إلى \"أكمل\" وشعر بالرضا التام، خاصة وهو يراقب معدلات البث المستهلك والتي تدل على أن الأولوية القصوى بنسب تزيد على الخمسين بالمائة هي للاستهلاك الإلكتروني للمواد ذات الطبيعة الإباحية الكاملة والتي تعبر عن روح المجتمع الحر وتمثل واقع الحياة الاجتماعية هذه الأيام!
فقد تجاوزت البشرية من وجهة نظره كل عوائق المطلق وانطلقت في فضاء النسبية الرحيب لتعبر عن ذاتها وتتحرر من أسر الغيبيات؟!
كما أكدت البيانات أن الأولوية الثانية كانت للمواد ذات الطبيعة الدامية والعنيفة على التوازي مع المواد الإلحادية والتي تتجاوز المقدس وخاصة مواد الأسترولوجي وعلوم السحر والنجوم؟!
كانت طقوس السحر الأسود تعجبه كثيراً، فهي تملأ الفراغ الروحي الذي يشعر به والذي أودى به مرات عديدة في دوامة الاكتئاب، شعر بتوتر شديد عندما وصل به التفكير إلى هذه النقطة وزادت قوة قبضته على مقبض المحول الاصطناعي للمواد المبثوثة.
كما و تعرقت جبهته بشده مع ارتفاع صوت ضربات قلبه حتى صار يسمعها، وكالعادة تدخل \"أكمل\" مرة أخرى ليهدئ من روعه بكلمات و همهمات غريبة وغير مفهومة؟!
وشعر البروفيسور بهدوء عجيب يغمر كل كيانه ، وتذكر فجأة أنه لم يسجل هذه الملحوظة في تقاريره من قبل قط عن \"أكمل\" وسأل نفسه لماذا فعل هذا ؟! وما الذي كان يدفعه ليحجب هذه الملحوظة الخطيرة عن المسئولين؟!
فهو تصرف فردي من \"أكمل\" يدل على قدر من التحكم الذاتي، وهو يعلم علم اليقين أنها مسألة خطيرة إلى الدرجة التي قد تودي بعمله بالكلية في مركز السيطرة الكوني الذي يعمل به؟! ولكن البروفيسور تجاهل أفكاره كالعادة وعاد لعمله الروتيني.
وفجأة ودون سابق إنذار بدأ البث الحي لمذابح دامية وعنيفة للغاية، ولا يدري البروفيسور لماذا ألح عليه بشدة أن منطقة المذابح هي الموطن الأصلي للعقل المجمد؟!
كانت الإحصائيات الإلكترونية التي يتحكم بها \"أكمل\" تدل أن البث موجه لكافة أنحاء العالم وكانت الشاشات أمامه تنقل الوقائع الدموية والتي يبدو أنها كانت مسلية جداً للجماهير المتعطشة والمعتادة عليها حول العالم ـ أو ما تبقى منه ـ فالصور الحية المنقولة للجماهير أظهرت مدى التشجيع المنقطع النظير ؟!
كما تخلل البث لقطات إباحية شيقة مما زاد من حماسة الجماهير وتصفيقها المدوي حتى أن البروفيسور اضطر إلى إعطاء أمر صوتي لـ \"أكمل\" بخفض الصوت للحد الأدنى؟!
وعلى الفور صدرت أوامر من القيادات العليا ببث عبارات ودعايات عقائدية تساعد على تقبل المحافظين من الجماهير للبث الدموي الحي ؟! وبدت الشعارات منطقية ومقنعة مما زاد من معدل التصويت الإلكتروني لصالح البث والدعاية وكان هذا يعني أموالاً طائلة تضاف للخزينة المركزية؟!
بدأ البروفيسور يتثائب و يتململ من البث المشاهد وكاد أن يسرح بفكرة إلا أن مؤشرات الصحة والسلامة لمسارات العمل العصبية المخلقة بشرياً بدأت تظهر خللاً ما ؟!
شعر البروفيسور بالدهشة الشديدة وفتح فمه تعجباً! إذ أنها المرة الأولى حقاً التي يلاحظ فيها شيئاً مماثلاً! بل هي الأولى من نوعها مطلقاً منذ بدأ العمل بنظام السيطرة المركزي عالمياً!
يا للهول مؤشرات البيانات الإلكترونية بدأت تتأثر هي أيضاً !
وفجأة ارتفع صوت صافرة إنذار ومعها دوى مكبر الصوت المركزي متسائلاً عن سبب الخلل بقلق واضح!
بدا الصوت الهادر للقائد الأعلى لسياسة العالم مهدداً متوعداً مما أشاع جواً من الارتباك والفوضى الهائلة في الإدارة المركزية!
وفجأة هدأ الضجيج وتوقف المكبر عن البث، وظهر على كل الشاشات الإلكترونية في المركز الرئيسي صورة ثابتة وواضحة وبدا جلياً من مؤشرات البيانات أن الصورة تبث عبر العالم في كافة وسائل البث المرئية بل وفي الشاشات الكبرى في الميادين؟!
كما تشير البيانات والمعلومات أمامه إلى الانتقال الكامل للتحكم الذاتي للعقل المجمد، حاول البروفيسور مرات عديدة إعادة النظام إلى سابق عهده ولكنه لم يستطع! وكذلك لم يستطع كل طاقم التحكم إنقاذ الموقف، وبدا الجميع مشلولاً!
يا إلهي إنها نهاية العالم ـ قال البروفيسور ـ وساد الصمت وبدت صورة الجماهير المشدوهة والمبهوتة مرعوبة وهي شاخصة بأبصارها نحو السماء؟!
نظر البروفيسور المشدوه لمعدلات البيانات فوجدها تشير إلى توقف المذبحة الدامية التي كان العالم يتابعها كما تشير مؤشرات الحرارة إلى اعتدال الأجواء عالمياً بصورة غير مسبوقة منذ ثلاثين عاماً؟!
ترافق مع صورة البث الثابتة صوت تفجيرات هائلة وأظهرت مراصد الزلازل والبراكين هدوءاً مفاجئاً !
وفجأة نطق صوت شرقي عميق ومدوي يعلن نهاية الحكم المركزي وكان في خلفية الصوت ترانيم شرقية حزينة ومؤثرة سحرت جموع الجماهير حتى بدأت ترددها مع عدم فهمها بالضرورة لما تقول؟!
نطق الصوت الشرقي يعلن أن الوعي قد عاد للبشرية
إنه صوت طالما تردد في الأعماق .. أعماق الضمير
إنه صوت يعرفه كل الناس في العالم
كما و يعرفه البروفيسور جيداً
إنه صوت \"أكمل\".
ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم بأفضل ما تحب وأكمل ما تريد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القصة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
القصة :-
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ فَمَا سُقْتَ فِيهَا فَقَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ"البخاري .
الفوائد :-
1. لمّا كان الحديث عن هجرة محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام كان لزاماً أن نبيّن هجرة أخرى للعبد المؤمن ولكنها من نوع آخر صورتها أن يهجر الذنوب والمعاصي والبيئات الفاسدة والرفقة السيئة إلى فعل الصالحات والطاعات وإلى البيئات النافعة وإلى الرفقة الطيّبة ويكون ذلك بالتوبة الصادقة والتغيير الإيجابي ولزوم جادة الحق , ألم ترى أن الله خاطب أهل الإيمان بأن يتوبوا إلى ربهم لينالوا الفوز والفلاح فقال تعالى:"وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " النور : 31
2. من أول الأعمال التي بدأ بها الرسول عليه الصلاة والسلام حين وصوله إلى المدينة مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار وكان لهذه المؤاخاة أهدافاً يريد عليه الصلاة والسلام تحقيقها ومن أهمها : أ/ نشر الاطمئنان في المدينة ب/ إحياء روح العمل الجماعي والشراكة المجتمعية ج/ الاستفادة من القدرات والمواهب والأفكار د/ إشاعة روع المحبة والإيثار والتضحية عند الجميع , فعلى القدوات في المجتمعات المسلمة أن يدعوا إلى هذه العبادة العظيمة وهي المؤاخاة في ذات الله تعالى لأنها هي التي تبدأ في الدنيا وتنتهي في الجنة بإذن الله تعالى قال تعالى : " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" الزخرف 67
3. في القصة بيان لمكانة الأنصار رضي الله عنهم ومدى فضلهم وتضحياتهم لدين الله , فهم الذين آووا ونصروا ورحبوا وضيفوا وآلوا على أنفسهم وآثروا قال الله تعالى فيهم : " ... وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم " الأنفال 74 وقال تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ " الأنفال 72 وقال الله تعالى "وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الحشر 9
4. التضحية من أجل الإسلام لها شأن عظيم وهي تتنوع بحسب الإمكانات والأشخاص , وفي القصة يقدّم سعد بن عبادة نوع عظيم من أنواع التضحية ذلك لمّا عرض على عبد الرحمن بن عوف بأن يأخذ نصف ماله وأن يطلق إحدى زوجتيه فيتزوجها فأي تضحية بعد هذا . والسؤال هنا لكل مسلم : ماذا قدمت لدينك من تضحيات ؟ وما هو العمل الذي تشعر أنك تعبت من أجله وضحيت لكي تقدمه لأمتك وترجو أن تقابل الله به ؟
5. في القصة بيان لفضل الأخوة في ذات الله والمحبة فيه , وأن هذه الأخوة لها حقوق جمّة , وآداب عدّة علينا جميعاً أن نتمثّل بها وندعو لها , وهذا النوع من الأخوة عروة من عرى الإيمان , ودعامة رئيسة من دعائم الدين , وسبب هام من أسباب نشر الأمن والأمان والحب بين أفراد المجتمع المسلم , قال أبو سليمان الدارانيّ :إني لأُلقِم أخاً من إخواني فأجد طعمها في حَلْقي.وقال الإمام الشافعيُّ : لولا صحبةُ الأخيار، ومناجاة الحقِّ تعالى بالأسحار؛ ما أحببتُ البقاء في هذه الدار , وقيل :من أراد أن يعطى الدرجة القصوى يوم القيامة؛ فليصاحب في الله" .
6. فضل التوكل على الله والاعتماد عليه وصدق اللجأ إليه سبحانه وتعالى , والتوكل كما قال ابن رجب رحمه الله : "صدق اعتماد القلب على اللّه تعالى في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة " وقال الجرجاني رحمه الله: " التوكل هو الثقة بما عند اللّه، واليأس عما في أيدي الناس " وقد علمنا هذا المفهوم الإيماني الرائع من خلال القصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه , فقد رفض كل تلك العطايا المجزية من صاحبه ودعا له وطلب منه أن يدلّه على السوق , فالمعطي هو الله , والرازق هو الله جل وعلا .
7. أنّ التوكل لا ينافي أخذ الأسباب :عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رجل: يا رسول اللّه أعقلها وأتوكّل، أو أطلقها وأتوكّل؟ -لناقته- فقال صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكّل» الترمذي , وثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل اللّه تعالى: "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى" البقرة 197 وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : «لا تبشّرهم فيتكلوا» دليل على أنه لابد من بذل الأسباب وعدم الاتكال , ففعل السبب مطلب ولو كان يسيراً أو صغيراً , ولكن على المؤمن أن يحذر من أن يجعل اعتماده على الأسباب فالمعتمد على مسبّب الأسباب سبحانه وتعالى .
8. في القصة ما يدل على فضل إكرام الضيف وأنه هذا النوع من الإكرام يعدّ من الإسلام وقد حثَّنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على إكرام الضيف؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفَه " متفق عليه , ولإكرام الضيف أساليب متعددة لكي لا يُظن أن الكرم فقط يقتصر على الطعام والشراب , ومن صور إكرام الضيف أن تختار له المكان المناسب لإقامته , وأن تبيّن له مواطن الريبة والخطر في البلدة التي هو فيها , وأن تسعى في قضاء حاجته إن احتاج إلى ذلك , وأن تدله على السوق ....الخ .
9. عبد الرحمن بن عوف يعتمد أيضاً بعد الله على ثقته بنفسه فيكتشف موهبته وهي القدرة على البيع والشراء , ويدرك قدراته في السعي والبذل والتفاوض , فيسأل عن السوق , وهنا علينا أن نعود إلى ذواتنا ونكتشف ما وهبنا الله تعالى من قدرات ومواهب ومن ثم نسعى ونجتهد , وأن لا نعتمد على الأحلام والأماني كثيراً , وأن لا نركن للتواكل والدعة والترف .
10. بيان فضل التجارة ومن ذلك العمل بأسباب الحصول على الرزق , والاعتماد على الله تعالى ثم على النفس , وفيه البعد عن سؤال الناس واتقاء منّتهم , وصيانة المؤمن لدينه ونفسه من الوقوع في الحرام , وفيه أيضاً تحقيق لمعنى التوكل على الله قال عليه الصلاة والسلام : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا" الترمذي , لكن على المؤمن أن يتقي الله تعالى في طلبه للرزق فلا يكذب أو يغش أو يبيع حراماً وأن لا تكون تجارته ودنياه ملهيةً له عن آخرته وأن يؤمن أن الرزق بيد الله تعالى فلا يجزع ولا يسخط إن لم يؤتيه الله ما أراد من الرزق .
11. اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام بأصحابه وسؤاله عنهم دائماً ففي القصة يسأل عن صفرة لاحظها على عبد الرحمن بن عوف , وهكذا على القدوة والمربي أن يهتم بقضايا أبناءه وطلابه وأن يشعرهم بقربه منهم , وأن يسعى لتعزيز الجوانب الإيجابية في أخلاقهم وتعاملاتهم وعلاقاتهم وأن يقضي على الجوانب السلبية فيها , وهذه من صفات القدوة الناجح الذي يريد أن يبني جيل الشباب على ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة محمد عليه الصلاة والسلام .
12. في القصة ما يدل على استحباب تخفيض الصداق والتقليل منه وعدم المبالغة فيه لما في المغالاة فيه من أضرار مالية على المتزوج تتمثل في كثرة الديون عليه وعدم مقدرته على تسيير أموره الحياتية .
13. إعلان النكاح ودعوة الناس للاجتماع له وإظهار الفرح به كل ذلك يسن فعله بدون إسراف أو تبذير أو حضور للمنكرات كالغناء والموسيقى والرقص الماجن وغيرها .
والله أعلم وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ فَمَا سُقْتَ فِيهَا فَقَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ"البخاري .
الفوائد :-
1. لمّا كان الحديث عن هجرة محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام كان لزاماً أن نبيّن هجرة أخرى للعبد المؤمن ولكنها من نوع آخر صورتها أن يهجر الذنوب والمعاصي والبيئات الفاسدة والرفقة السيئة إلى فعل الصالحات والطاعات وإلى البيئات النافعة وإلى الرفقة الطيّبة ويكون ذلك بالتوبة الصادقة والتغيير الإيجابي ولزوم جادة الحق , ألم ترى أن الله خاطب أهل الإيمان بأن يتوبوا إلى ربهم لينالوا الفوز والفلاح فقال تعالى:"وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " النور : 31
2. من أول الأعمال التي بدأ بها الرسول عليه الصلاة والسلام حين وصوله إلى المدينة مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار وكان لهذه المؤاخاة أهدافاً يريد عليه الصلاة والسلام تحقيقها ومن أهمها : أ/ نشر الاطمئنان في المدينة ب/ إحياء روح العمل الجماعي والشراكة المجتمعية ج/ الاستفادة من القدرات والمواهب والأفكار د/ إشاعة روع المحبة والإيثار والتضحية عند الجميع , فعلى القدوات في المجتمعات المسلمة أن يدعوا إلى هذه العبادة العظيمة وهي المؤاخاة في ذات الله تعالى لأنها هي التي تبدأ في الدنيا وتنتهي في الجنة بإذن الله تعالى قال تعالى : " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" الزخرف 67
3. في القصة بيان لمكانة الأنصار رضي الله عنهم ومدى فضلهم وتضحياتهم لدين الله , فهم الذين آووا ونصروا ورحبوا وضيفوا وآلوا على أنفسهم وآثروا قال الله تعالى فيهم : " ... وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم " الأنفال 74 وقال تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ " الأنفال 72 وقال الله تعالى "وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الحشر 9
4. التضحية من أجل الإسلام لها شأن عظيم وهي تتنوع بحسب الإمكانات والأشخاص , وفي القصة يقدّم سعد بن عبادة نوع عظيم من أنواع التضحية ذلك لمّا عرض على عبد الرحمن بن عوف بأن يأخذ نصف ماله وأن يطلق إحدى زوجتيه فيتزوجها فأي تضحية بعد هذا . والسؤال هنا لكل مسلم : ماذا قدمت لدينك من تضحيات ؟ وما هو العمل الذي تشعر أنك تعبت من أجله وضحيت لكي تقدمه لأمتك وترجو أن تقابل الله به ؟
5. في القصة بيان لفضل الأخوة في ذات الله والمحبة فيه , وأن هذه الأخوة لها حقوق جمّة , وآداب عدّة علينا جميعاً أن نتمثّل بها وندعو لها , وهذا النوع من الأخوة عروة من عرى الإيمان , ودعامة رئيسة من دعائم الدين , وسبب هام من أسباب نشر الأمن والأمان والحب بين أفراد المجتمع المسلم , قال أبو سليمان الدارانيّ :إني لأُلقِم أخاً من إخواني فأجد طعمها في حَلْقي.وقال الإمام الشافعيُّ : لولا صحبةُ الأخيار، ومناجاة الحقِّ تعالى بالأسحار؛ ما أحببتُ البقاء في هذه الدار , وقيل :من أراد أن يعطى الدرجة القصوى يوم القيامة؛ فليصاحب في الله" .
6. فضل التوكل على الله والاعتماد عليه وصدق اللجأ إليه سبحانه وتعالى , والتوكل كما قال ابن رجب رحمه الله : "صدق اعتماد القلب على اللّه تعالى في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة " وقال الجرجاني رحمه الله: " التوكل هو الثقة بما عند اللّه، واليأس عما في أيدي الناس " وقد علمنا هذا المفهوم الإيماني الرائع من خلال القصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه , فقد رفض كل تلك العطايا المجزية من صاحبه ودعا له وطلب منه أن يدلّه على السوق , فالمعطي هو الله , والرازق هو الله جل وعلا .
7. أنّ التوكل لا ينافي أخذ الأسباب :عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رجل: يا رسول اللّه أعقلها وأتوكّل، أو أطلقها وأتوكّل؟ -لناقته- فقال صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكّل» الترمذي , وثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل اللّه تعالى: "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى" البقرة 197 وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : «لا تبشّرهم فيتكلوا» دليل على أنه لابد من بذل الأسباب وعدم الاتكال , ففعل السبب مطلب ولو كان يسيراً أو صغيراً , ولكن على المؤمن أن يحذر من أن يجعل اعتماده على الأسباب فالمعتمد على مسبّب الأسباب سبحانه وتعالى .
8. في القصة ما يدل على فضل إكرام الضيف وأنه هذا النوع من الإكرام يعدّ من الإسلام وقد حثَّنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على إكرام الضيف؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفَه " متفق عليه , ولإكرام الضيف أساليب متعددة لكي لا يُظن أن الكرم فقط يقتصر على الطعام والشراب , ومن صور إكرام الضيف أن تختار له المكان المناسب لإقامته , وأن تبيّن له مواطن الريبة والخطر في البلدة التي هو فيها , وأن تسعى في قضاء حاجته إن احتاج إلى ذلك , وأن تدله على السوق ....الخ .
9. عبد الرحمن بن عوف يعتمد أيضاً بعد الله على ثقته بنفسه فيكتشف موهبته وهي القدرة على البيع والشراء , ويدرك قدراته في السعي والبذل والتفاوض , فيسأل عن السوق , وهنا علينا أن نعود إلى ذواتنا ونكتشف ما وهبنا الله تعالى من قدرات ومواهب ومن ثم نسعى ونجتهد , وأن لا نعتمد على الأحلام والأماني كثيراً , وأن لا نركن للتواكل والدعة والترف .
10. بيان فضل التجارة ومن ذلك العمل بأسباب الحصول على الرزق , والاعتماد على الله تعالى ثم على النفس , وفيه البعد عن سؤال الناس واتقاء منّتهم , وصيانة المؤمن لدينه ونفسه من الوقوع في الحرام , وفيه أيضاً تحقيق لمعنى التوكل على الله قال عليه الصلاة والسلام : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا" الترمذي , لكن على المؤمن أن يتقي الله تعالى في طلبه للرزق فلا يكذب أو يغش أو يبيع حراماً وأن لا تكون تجارته ودنياه ملهيةً له عن آخرته وأن يؤمن أن الرزق بيد الله تعالى فلا يجزع ولا يسخط إن لم يؤتيه الله ما أراد من الرزق .
11. اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام بأصحابه وسؤاله عنهم دائماً ففي القصة يسأل عن صفرة لاحظها على عبد الرحمن بن عوف , وهكذا على القدوة والمربي أن يهتم بقضايا أبناءه وطلابه وأن يشعرهم بقربه منهم , وأن يسعى لتعزيز الجوانب الإيجابية في أخلاقهم وتعاملاتهم وعلاقاتهم وأن يقضي على الجوانب السلبية فيها , وهذه من صفات القدوة الناجح الذي يريد أن يبني جيل الشباب على ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة محمد عليه الصلاة والسلام .
12. في القصة ما يدل على استحباب تخفيض الصداق والتقليل منه وعدم المبالغة فيه لما في المغالاة فيه من أضرار مالية على المتزوج تتمثل في كثرة الديون عليه وعدم مقدرته على تسيير أموره الحياتية .
13. إعلان النكاح ودعوة الناس للاجتماع له وإظهار الفرح به كل ذلك يسن فعله بدون إسراف أو تبذير أو حضور للمنكرات كالغناء والموسيقى والرقص الماجن وغيرها .
والله أعلم وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
القصة الثانية
بسم الله الرحمان الرحيم
رجل عجيب في الدعوة
يحكي أحد المشايخ أو الدعاة
القصة:
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر لي أحد الأخوة الثقات ، قال : ذهبت أنا وأحد الإخوة كعادتنا لدعوة الشباب في المقاهي والاستراحات والأرصفة، فتوقفنا عند استراحة ، سمعنا فيها غناءً ، فطرقنا الباب ، وأذن لنا ، فعندما دخلنا عليهم توقفوا عن الغناء احتراماً لنا ، ولكن أحدهم لم يرض عن وجودنا بينهم فأصبح يكيل لنا الشتائم والسب واللعن، وينفخ في وجوهنا دخان الشيشة ، فبعد أن تكلم الأخ الناصح بما فتح الله عليه ذهبنا ، ولكن صاحبي هذا أبى إلا أن ينتظر الرجل الذي شتمنا وتلفظ علينا بالسب . سألته : لماذا؟ .
قال : سوف ترى عندما يخرج . فبعد ساعتين من الانتظار إذا بصاحبنا يخرج من الاستراحة ، فنزل له صاحبي ليدعوه ، وقرب منه، فبصق في وجه صاحبي ، فمسحها ، وحاول معه أخرى فبصق عليه مرة أخرى ودفعة ، فرجع صاحبي إلي وطلب مني اللحاق به ، فسألته : لماذا؟ قال : ستعرف غداً .
ثم تبعنا هذا الأخ حتى عرفنا منزله ، فتواعدنا أ، نصلي المغرب في المسجد القريب من دار صاحبنا المقصر ، وبعد صلاة المغرب ذهب صاحبي ، وطرق الباب على ذلك الرجل الذي بصق في وجهه البارحة ، وما إن رآه إلا وبادره بالشتم واللعن كعادته، فأمسك صاحبي برأٍه ، وصار يقبله ويرجوه أن يسمح له بالدخول لمدة ربع ساعة فقط ، وفعلاً استطاع صاحبي إقناع الرجل ، ودخل عنده ، وتبعتهم ، وبدأ صاحبي بالوعظ ، وبعد عشر دقائق بكى الواعظ والموعوظ ، وبكيت أنا معهما .
طلب صاحبي من صاحبنا المقصر أن يغتسل ويتوضأ ، فقام الرجل فاغتسل وتوضأ ، ثم صلينا العشاء سوياً في المسجد ،وانتظم هذا الرجل على الصلاة ، وحافظ عليها .
لم تنته القصة بعد ، العجيب في الأمر أن هذا الرجل قد توفي بعد عشرين يوماً فقط من استقامته وهدايته – رحمة الله -.
وقفه : ما أجمل الصبر من أجل الدعوة إلى الله .
القصة الثالثة
في أحد مجالس الذكر عن فضائل بر الوالدين قال أحد الدعاة: حصلت هذه القصة معي ووالله ما أخبرت بها إلا من أجل الفائدة والاستفادة بين إخواني وأحبابي في هذا المجلس.
يقول: في بداية طريقي للاستقامة كانت والدتي وفقها الله تقول لي دائماً \" يا ولدي كان تريد الله يرضى عليك اعفي لحيتك \" وكانت والدتي لها محبة كبيرة في قلبي وتأثرت بهذه الكلمة منها وأسأل الله أن يطيل عمرها على الطاعة فهي كبيرة في السن وتحفظ ثلاثة أجزاء وتدرس في تحفيظ القرآن الكريم في المسجد. قالت لي: دعها والله أنك جميل بهذه اللحية .
وفي أحد الأيام كانت أمي تشاهد قناة المجد العلمية في المنزل وكان أحد المشايخ يلقي محاضرة في المسجد وعدد كبير من الناس من حوله يستمعون إليه.
قالت: يا ولدي الله يجعلني أراك تصبح مثله تحدث على الناس.
فقلت لها: آمين. ادعي لي بالثبات يا أمي وأن أصبح مثله أو أحسن. قبلت رأس والدتي وذهبت إلى عملي.
بعد أيام اتصل بي أحد الزملاء وقال: ما رأيك عندي مسجد صغير أريدك تتعلم الخطابة فيه وأغلب هذا المسجد من الجاليات الأجنبية ولا يجيدون اللغة العربية.
قلت: لا أستطيع فعل ذلك. قال استعن بالله وخذ ورقة وسوف أساعدك. فقلت: أبشر.
فرتب لي خطبة قصيرة وذهبت معه يوم الجمعة لأول مرة أخطب في حياتي، وبحمد لله عدت بسلام واستمريت على هذا الحال ثلاث سنوات أخطب بالأجانب وبعد عدة شهور اتصل بي إمام المسجد وقال لي: أنا سوف أسافر هذه الليلة وأريدك أن تخطب عني أو تبحث لي عن بديل للخطبة.
فقلت: أبشر بإذن الله، ولأول مرة أخطب في حياتي أمام الجيران من أهل الحي والأصدقاء فصعدت المنبر ورددت السلام وإذا بالمسجد امتلأ تماماً بأكمله ثم جلست.
ووالله إني تذكرت دعاء والدتي وأنا على المنبر أنظر إلى الناس وقد امتلأ المسجد إلى آخر الباب.
وبعد شهرين تقريباً استأذنت من إمام المسجد أن ألقي دروس تربوية من الأحاديث النبوية في كل يوم سبت وثلاثاء بعد العصر في المسجد فوافق الإمام جزاه الله خيرا واستمريت على هذا الحال لمدة ثلاث سنوات بحمد الله.
وأتممت حفظ كتاب الله بفضل الله عز وجل، وانطلقت في نشر الدعوة إلى الله بإلقاء الكلمات في المساجد، وهذا من فضل الله ثم بفضل دعاء والدتي.
أقسم بالله لم أتوقع يوم من الأيام أن أصبح خطيباً أو داعية كما تروني بل سبحان الله أصبحت في المناسبات بين الأقارب ألقي لهم كلمات وأصبح الزملاء ينسقون معي لألقي لهم كلمات بمسجدهم .
سبحان الله! انا أعرف نفسي والله كنت لا شيء لولا الله ثم دعاء والدتي..
ثم قال الداعية في المجلس: يا إخوان من أراد التوفيق والسعادة ورضى الله تعالى فعليه بعد طاعة الله ببر الوالدين.
الفوائد من هذه القصة:
1- دعاء الوالدة غير حياة هذا الشاب وأصبح داعية معلم الناس الخير.
2- الاستمرار في الأعمال الصالحة.
3- بر الوالدين والحرص على رضاهم من أسباب التوفيق والسعادة ورضى الله عز وجل .
القصة الرابعة :
بسم الله الرحمن الرحيم
استعنت بربي وأمسكت قلمي، وتذكرت من سنن هذه الحياة الرضا بالقضاء والقدر، كم من صديق وقريب فقدناه، وكم من أشخاص نعرفهم نسلم عليهم في الصباح ونعزيهم في المساء.
نعم إنه هاذم اللذات لا يعرف صغير ولا كبير ولا غني ولا فقير ولا نعلم متى اليوم الذي يقولون \" فلان مات \" قد يأتيك وأنت في بيتك وبين أسرتك وقد يأتيك وأنت في عملك على مكتبك.. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( أكثروا من ذكر هاذم اللذات) أخرجه الترمذي.
فقلت لعلي أكتب بعض القصص الواقعية التي سمعتها وتأثرت بها، لعل الله عز وجل أن ينفع بها .
القصة الأولى: يقول أحد الدعاة وهو مغسل أموات في مدينة الرياض في جامع الراجحي يقول: أتت إلينا جثة شاب في الصباح وأردنا أن نغسله ونصلي عليه صلاة الظهر ومعي أحد الأصدقاء فبدأنا في تغسيل الميت وفي أثناء التغسيل أتاني اتصال ضروري من الوالدة فاستأذنت من صديقي فأذن لي وقلت له: بإذن الله نتقابل في صلاة الظهر بالجامع.
فأدركت الركعة الأولى مع الإمام بالجامع وبعد الصلاة قال الإمام: الصلاة على الرجلين يرحمكم الله وحين الانتهاء من الصلاة سألت الشيخ قلت يا شيخ: إن المتوفي شخص واحد؟! قال: نعم. ولكن صديقك الذي يغسل معك أتاه ملك الموت في المغسلة وغسلناه وصلينا عليه مع الذي غسله .
القصة الثانية: يخبرني أحد الثقات يقول كانت هناك جنازة امرأة في مسجدنا وصلينا عليها صلاة الظهر وفي صلاة العصر صلينا على جنازة رجل ولم يصلي بنا إمام المسجد فعندما سألنا عن المتوفي قالوا: إمام هذا المسجد الذي صلى بكم الظهر على جنازة المرأة.
القصة الثالثة: تخبرني الوالدة –أطال الله عمرها على الطاعة- بقصة صديقة لها تقول تخبرني صديقتي بوفاة زوجها، تقول أتى من عمله الساعة الثانية ظهراً فقلت له هل تريد إحضار وجبة الغداء، فقال: لا دعيها بعد صلاة العصر أريد أنام فنبه جواله على أذان صلاة العصر وقال إذا لم أستيقظ فأيقظيني فدخل غرفته ثم خرج منها ثم لعب مع أبناءه ثم دخل غرفته فنام وأذن العصر ورتفع صوت منبه جواله ولم يستيقظ فقلت لعله متعب.
فذهبت إلى غرفته لكي يصلي صلاة العصر فنادينه ولأكن لا حياة لمن تنادي وحركه وكانت الصدمة الكبرى أنه فارق هذه الحياة.
القصة الرابعة: أحد أصدقائي تأثرت منه كثيراً توفي رحمه الله يوم الثلاثاء 26/7/1432هـ كان معي في الجامعة وسدد رسوم الجامعة لكي يختبر واتصل بي وقال: لو تكرمت يا أحمد أريدك أن تنزل لي جميع المواد عن طريق الموقع وقمت بإنزالها ثم قبل الاختبارات بأسبوع اتصل بي قريب له وقال يا أحمد حسن متعب جداً بالمستشفى أتمنى أن تسحب دراسته هذا الترم ولعله بإذن الله يكمل الترم القادم.
وفعلت ذلك وبعد الانتهاء من الاختبارات بأسبوعين اتصل بي قريبه وقال: ادع لأخيك حسن توفي رحمه الله.
يا سبحان الله ما كان يتوقع أنه سيرحل من هذه الحياة خلال هذه الأيام، رسوم مسدده بالجامعة ومواده نزلتها ولكن الشخص فارق هذه الحياة..
الفوائد من هذه القصص:
1- أن الإنسان لا يعلم متى يزوره ملك الموت فليكن دائماً مستعداً له وليكثر من أعمال الخير .
2- أوصيك ثم أوصيك أن تكسب الناس بأخلاقك وأفعالك ولا تحمل الحقد والحسد على أحد من الناس .
3- تذكر الموت وتذكر الجنة والنار واختر لنفسك المصير واسأل نفسك هل أنت راض على حالك وأعمالك.
4- زر المقابر وأصلح ما بينك وبين الله عز وجل ثم أصلح ما بينك وبين الناس .
5- اسأل الله دائماً حسن الخاتمة وكثرة الأعمال الصالحة.
القصة الخامسة :
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الراوي :
كان أحدهم مسافراً بأسرته في صحراء مترامية الأطراف، وإذا بعطل مفاجئ يحدث في سيارته، وقد حاول تشغيلها لكن دون جدوى، وجلس الرجل حائراً في أمره، ولم يمض وقت طويل حتى أوقف أحدهم سيارته، وترجل منها قائلاً : خير ما الذي حدث ؟ وحاول معه مرة أخرى في تشغيل السيارة ... ثم قال للرجل : هذه سيارتي أكمل سفرك فيها مع أسرتك، وأنا أجلس هنا عند سيارتك حتى ترسل لي (سطحة) من بلدك نحمل عليها سيارتك .
قال صاحبنا : هذا غير معقول، لأنه يعني أنك ستجلس هنا قرابة عشر ساعات .
قال الرجل : لا بأس أنا شخص ، وأنتم عائلة !. وأخذ صاحبنا سيارة الرجل الشهم ورقم هاتف منزله، ومضى، وفي صباح اليوم التالي وضع سيارته في ورشة الإصلاح، وأعاد السيارة الأخرى إلى صاحبها...
ومرت الأيام، وتذكر صاحب السيارة المعطوبة المعروفَ الذي صنعه معه صاحبه، فاتصل على بيته ليسأل عنه، فقالت زوجته : هو في السجن، وذكرت له اسم السجن، وفهم منها أنه سُجن بسبب الديون التي عليه.
وفي اليوم التالي أخذ الرجل معه مئة ألف ريال، وذهب إلى السجن وأعطاها لضابط السجن، وقال: هذه لقضاء ديون فلان وإخراجه من عندكم . قال الضابط : من أنت ؟ قال له : لا داعي لأن أذكر لك اسمي، ومضى ...
بعد عشرين يوماً اتصل ببيت صاحبه ليطمئن عنه، فقالت له زوجته: مازال في السجن .
فما كان منه إلا أن سارع إلى السجن ، وسأل الضابط عن سبب عدم إطلاق سراح صاحبه، فقال : الدين الذي عليه ثلاثة ملايين وليس مئة ألف ، ثم أردف قائلاً : أنا حائر في أمري ممن أتعجب، هل أتعجب منك حين جئت بمئة ألف ريال دون أن تذكر اسمك ؟ أو أتعجب من صاحبك السجين حين قال لي : المئة ألف لن تصنع لي شيئاً ، فأرجو أن تطلق بها سراح بعض زملائي المسجونين ممن عليه خمسة آلاف وعشرة آلاف ... وقد أطلقت بها فعلاً اثني عشر مسجوناً .
قال صاحبنا : خير إن شاء الله وغاب قرابة شهر ثم عاد وقد جمع الملايين الثلاثة من مدخراته ومن بعض المحسنين، وأطلق بها سراح صاحب المروءة ...
هذه القصة واحدة من قصص كثيرة يتحدث عنها الناس، وهي دليل على أن البذل في سبيل الله، وعون الآخرين لا يذهب هباءً ، بل إن جزاءه كثيراً ما يكون سريعاً جداً وبأضعاف مضاعفة، ولاغرابة في هذا، فالمتصدق يتعامل مع من اتصف بالرحمة والكرم والغنى ، وهو ـ جل وعلا ـ تعهد في كتابه وعلى لسان نبيه بأن يخلف على الباذلين من أجله .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كان أحدهم مسافراً بأسرته في صحراء مترامية الأطراف، وإذا بعطل مفاجئ يحدث في سيارته، وقد حاول تشغيلها لكن دون جدوى، وجلس الرجل حائراً في أمره، ولم يمض وقت طويل حتى أوقف أحدهم سيارته، وترجل منها قائلاً : خير ما الذي حدث ؟ وحاول معه مرة أخرى في تشغيل السيارة ... ثم قال للرجل : هذه سيارتي أكمل سفرك فيها مع أسرتك، وأنا أجلس هنا عند سيارتك حتى ترسل لي (سطحة) من بلدك نحمل عليها سيارتك .
قال صاحبنا : هذا غير معقول، لأنه يعني أنك ستجلس هنا قرابة عشر ساعات .
قال الرجل : لا بأس أنا شخص ، وأنتم عائلة !. وأخذ صاحبنا سيارة الرجل الشهم ورقم هاتف منزله، ومضى، وفي صباح اليوم التالي وضع سيارته في ورشة الإصلاح، وأعاد السيارة الأخرى إلى صاحبها...
ومرت الأيام، وتذكر صاحب السيارة المعطوبة المعروفَ الذي صنعه معه صاحبه، فاتصل على بيته ليسأل عنه، فقالت زوجته : هو في السجن، وذكرت له اسم السجن، وفهم منها أنه سُجن بسبب الديون التي عليه.
وفي اليوم التالي أخذ الرجل معه مئة ألف ريال، وذهب إلى السجن وأعطاها لضابط السجن، وقال: هذه لقضاء ديون فلان وإخراجه من عندكم . قال الضابط : من أنت ؟ قال له : لا داعي لأن أذكر لك اسمي، ومضى ...
بعد عشرين يوماً اتصل ببيت صاحبه ليطمئن عنه، فقالت له زوجته: مازال في السجن .
فما كان منه إلا أن سارع إلى السجن ، وسأل الضابط عن سبب عدم إطلاق سراح صاحبه، فقال : الدين الذي عليه ثلاثة ملايين وليس مئة ألف ، ثم أردف قائلاً : أنا حائر في أمري ممن أتعجب، هل أتعجب منك حين جئت بمئة ألف ريال دون أن تذكر اسمك ؟ أو أتعجب من صاحبك السجين حين قال لي : المئة ألف لن تصنع لي شيئاً ، فأرجو أن تطلق بها سراح بعض زملائي المسجونين ممن عليه خمسة آلاف وعشرة آلاف ... وقد أطلقت بها فعلاً اثني عشر مسجوناً .
قال صاحبنا : خير إن شاء الله وغاب قرابة شهر ثم عاد وقد جمع الملايين الثلاثة من مدخراته ومن بعض المحسنين، وأطلق بها سراح صاحب المروءة ...
هذه القصة واحدة من قصص كثيرة يتحدث عنها الناس، وهي دليل على أن البذل في سبيل الله، وعون الآخرين لا يذهب هباءً ، بل إن جزاءه كثيراً ما يكون سريعاً جداً وبأضعاف مضاعفة، ولاغرابة في هذا، فالمتصدق يتعامل مع من اتصف بالرحمة والكرم والغنى ، وهو ـ جل وعلا ـ تعهد في كتابه وعلى لسان نبيه بأن يخلف على الباذلين من أجله .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
القصة السادسة :
بر أباه فماذا وجد؟!
يقول أحد الدعاة: كان هناك رجل عليه دين، وفي يوم من الأيام جاءه صاحب الدين وطرق عليه الباب ففتح له أحد الأبناء فاندفع الرجل بدون سلام ولا احترام وأمسك بتلابيب صاحب الدار وقال له: اتق الله وسدد ما عليك من الديون فقد صبرت عليك أكثر من اللازم ونفذ صبري ماذا تراني فاعل بك يا رجل؟!.
وهنا تدخل الابن ودمعة في عينيه وهو يرى والده في هذا الموقف وقال للرجل كم على والدي لك من الديون، قال أكثر من تسعين ألف ريال.
فقال الابن: اترك والدي واسترح وأبشر بالخير، ودخل الشاب إلى غرفته حيث كان قد جمع مبلغا من المال قدره سبعة وعشرون ألف ريال من راتبه ليوم زواجه الذي ينتظره ولكنه آثر أن يفك به ضائقة والده ودينه على أن يبقيه في دولاب ملابسه.
دخل إلى المجلس وقال للرجل: هذه دفعة من دين الوالد قدرها سبعة وعشرون ألف ريال وسوف يأتي الخير ونسدد لك الباقي في القريب العاجل إن شاء الله.
هنا بكى الأب وطلب من الرجل أن يعيد المبلغ إلى ابنه فهو محتاج له ولا ذنب له في ذلك فأصرّ الشاب على أن يأخذ الرجل المبلغ.
وودعه عند الباب طالبا ًمنه عدم التعرض لوالده و أن يطالبه هو شخصياً ببقية المبلغ.
ثم تقدم الشاب إلى والده وقبل جبينه وقال يا والدي قدرك أكبر من ذلك المبلغوكل شيء يعوض إذا أمد الله عمرنا ومتعنا بالصحة والعافية فأنا لم أستطع أن أتحمل ذلك الموقف، ولو كنت أملك كل ما عليك من دين لدفعته له ولا أرى دمعة تسقط من عينيك على لحيتك الطاهرة.
وهنا احتضن الشيخ ابنه و أجهش بالبكاء و أخذ يقبله ويقول الله يرضى عليك يا ابني ويوفقك ويحقق لك كل طموحاتك.
وفي اليوم التالي وبينما كان الابن منهمكاً في أداء عمله الوظيفي زاره أحد الأصدقاء الذين لم يرهم منذ مدة وبعد سلام وسؤال عن الحال والأحوال قال له ذلك الصديق: يا أخي أمس كنت مع أحد كبار رجال الأعمال وطلب مني أن أبحث له عن رجل مخلص وأمين وذو أخلاق عالية ولديه طموح وقدرة على إدارة العمل وأنا لم أجد شخصاً أعرفه تنطبق عليه هذه الصفات إلا أنت فما رأيك أن نذهب سوياً لتقابله هذا المساء.
فتهلل وجه الابن بالبشرى وقال: لعلها دعوة والدي وقد أجابها الله فحمد الله كثيراً، وفي المساء كان الموعد فما أن شاهده رجل الأعمال حتى شعر بارتياح شديد تجاهه وقال: هذا الرجل الذي أبحث عنه وسأله كم راتبك؟ فقال: ما يقارب الخمسة ألاف ريال. فقال له: اذهب غداً وقدم استقالتك وراتبك خمسة عشر ألف ريال، وعمولة من الأرباح 10% وراتبين بدل سكن وسيارة، وراتب ستة أشهر تصرف لك لتحسين أوضاعك.
وما أن سمع الشاب ذلك حتى بكى وهو يقول ابشر بالخير يا والدي. فسأله رجل الأعمال عن سبب بكائه فحدثه بما حصل له قبل يومين، فأمر رجل الأعمال فوراً بتسديد ديون والده، وكانت محصلة أرباحه من العام الأول لا تقل عن نصف مليون ريال.
وقفة:
بر الوالدين من أعظم الطاعات وأجل القربات وببرهما تتنزل الرحمات وتنكشف الكربات، فقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما } الإسراء.
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله ).
وعن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن، كان به أثر برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدةٌ هو بارٌ بها، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) صحيح مسلم.
وهذا حيوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
واعلم أخي الحبيب أن من أبواب الجنة الثمانية ( باب الوالد ) فلا يفوتك هذا الباب واجتهد في طاعة والديك فو الله برك بهما من أعظم أسباب سعادتك في الدنيا والآخرة.
أسال الله جلا وعلا أن يوفقني وجميع المسلمين لبر الوالدين والإحسان إليهما...
من كتاب ( لا تيأس ) بتصرف.
وهنا تدخل الابن ودمعة في عينيه وهو يرى والده في هذا الموقف وقال للرجل كم على والدي لك من الديون، قال أكثر من تسعين ألف ريال.
فقال الابن: اترك والدي واسترح وأبشر بالخير، ودخل الشاب إلى غرفته حيث كان قد جمع مبلغا من المال قدره سبعة وعشرون ألف ريال من راتبه ليوم زواجه الذي ينتظره ولكنه آثر أن يفك به ضائقة والده ودينه على أن يبقيه في دولاب ملابسه.
دخل إلى المجلس وقال للرجل: هذه دفعة من دين الوالد قدرها سبعة وعشرون ألف ريال وسوف يأتي الخير ونسدد لك الباقي في القريب العاجل إن شاء الله.
هنا بكى الأب وطلب من الرجل أن يعيد المبلغ إلى ابنه فهو محتاج له ولا ذنب له في ذلك فأصرّ الشاب على أن يأخذ الرجل المبلغ.
وودعه عند الباب طالبا ًمنه عدم التعرض لوالده و أن يطالبه هو شخصياً ببقية المبلغ.
ثم تقدم الشاب إلى والده وقبل جبينه وقال يا والدي قدرك أكبر من ذلك المبلغوكل شيء يعوض إذا أمد الله عمرنا ومتعنا بالصحة والعافية فأنا لم أستطع أن أتحمل ذلك الموقف، ولو كنت أملك كل ما عليك من دين لدفعته له ولا أرى دمعة تسقط من عينيك على لحيتك الطاهرة.
وهنا احتضن الشيخ ابنه و أجهش بالبكاء و أخذ يقبله ويقول الله يرضى عليك يا ابني ويوفقك ويحقق لك كل طموحاتك.
وفي اليوم التالي وبينما كان الابن منهمكاً في أداء عمله الوظيفي زاره أحد الأصدقاء الذين لم يرهم منذ مدة وبعد سلام وسؤال عن الحال والأحوال قال له ذلك الصديق: يا أخي أمس كنت مع أحد كبار رجال الأعمال وطلب مني أن أبحث له عن رجل مخلص وأمين وذو أخلاق عالية ولديه طموح وقدرة على إدارة العمل وأنا لم أجد شخصاً أعرفه تنطبق عليه هذه الصفات إلا أنت فما رأيك أن نذهب سوياً لتقابله هذا المساء.
فتهلل وجه الابن بالبشرى وقال: لعلها دعوة والدي وقد أجابها الله فحمد الله كثيراً، وفي المساء كان الموعد فما أن شاهده رجل الأعمال حتى شعر بارتياح شديد تجاهه وقال: هذا الرجل الذي أبحث عنه وسأله كم راتبك؟ فقال: ما يقارب الخمسة ألاف ريال. فقال له: اذهب غداً وقدم استقالتك وراتبك خمسة عشر ألف ريال، وعمولة من الأرباح 10% وراتبين بدل سكن وسيارة، وراتب ستة أشهر تصرف لك لتحسين أوضاعك.
وما أن سمع الشاب ذلك حتى بكى وهو يقول ابشر بالخير يا والدي. فسأله رجل الأعمال عن سبب بكائه فحدثه بما حصل له قبل يومين، فأمر رجل الأعمال فوراً بتسديد ديون والده، وكانت محصلة أرباحه من العام الأول لا تقل عن نصف مليون ريال.
وقفة:
بر الوالدين من أعظم الطاعات وأجل القربات وببرهما تتنزل الرحمات وتنكشف الكربات، فقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما } الإسراء.
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله ).
وعن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن، كان به أثر برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدةٌ هو بارٌ بها، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) صحيح مسلم.
وهذا حيوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
واعلم أخي الحبيب أن من أبواب الجنة الثمانية ( باب الوالد ) فلا يفوتك هذا الباب واجتهد في طاعة والديك فو الله برك بهما من أعظم أسباب سعادتك في الدنيا والآخرة.
أسال الله جلا وعلا أن يوفقني وجميع المسلمين لبر الوالدين والإحسان إليهما...
من كتاب ( لا تيأس ) بتصرف.
القصة السابعة :
سألت ربي خمسة ريالات
هذه قصة فيها عبرة وقد حصلت لي شخصيا ولم ينقلها لي أحد وأنا هنا سأنقلها لكم كما حصلت لعل قارئا ينتفع بها,,,,
او يائسا تبعث الأمل في قلبه,,,
أو مستعجلا قد استحسر وترك دعاء ربه!!
في يوم الاربعاء 22-4-1423 هـ
في صلاة الظهر في الحرم المكي وتحت حجرة المؤذنين اشار الي أحد الاخوة بعد اقامة الصلاة الى سد الفرجة بجانبه فتقدمت وبعد الفراغ من الصلاة تأخرت الى الخلف قليلا لأتربع وآخذ راحتي في التسبيح فنظرت الى الرجل وإذا هو رث الهيئة كأنه من فقراء الحرم وإذا عليه مظهر السكون والخشوع وقد وضع يديه على فخذيه ويدعو ربه على استحياء فأدخلت يدي الى جيبي الى دراهم مربوطة من فئة ريال وخمسة ريالات وعشرة فأخرجت خمسة ريالات فقبضتها في يدي واقتربت منه ثم مددت يدي للسلام عليه وهي بيدي فسلم علي واحس بالمال في يدي فنزع يده من يدي وقال شكرا جزاك الله خيرا ولم يعرف كم المبلغ؟؟
فقلت أما تقبلها؟؟
فلم يرد علي فأحسست أنه من الذين يتعففون ولم يقبلها,,
فرددتها في جيبي وتأخرت قليلا وأديت السُنّة واذا بالرجل يلتفت علي مرارا كأنه ينتظرني لأفرغ من صلاتي!!
فلما فرغت جاء بجانبي وسلم علي
وقال: كم أعطيتني؟؟
قلت:انا اعطيتك,,, وانت رددتها وما عليك سواء كانت ريالا او مئة!!
فقال أسألك بالله كم اعطيتني؟
قلت: لاتسألني بالله انتهى مابيني وبينك!!
قال انا "سألت ربي خمسة ريالات" فكم اعطيتني؟
قلت والله الذي لااله الا هو ان الذي اعطيتك خمسة ريالات فبكى الرجل فقلت هل تحتاج اكثر؟؟ قال لا!!
ثم قال: سبحان الله كنت انت تضع الدراهم في يدي وانا مازلت اسأل ربي!!
فقلت: لماذا اذا رددتها؟؟
قال لم اكن اتوقع سرعة الاستجابة بهذه الصورة فقلت له سبحان الله!!
ان الله سميع قريب مجيب ولن ينزل هو ليعطيك ماسألت ولكنه سيسخر لك من عباده من يقضي لك حاجتك!!!
فأعطيته الخمسة ريالات ورفض ان يأخذ غيرها.
فسبحان الله العظيم (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان).
القصة الثامنة :
من أروع القصص الحقيقية قصة قصّها الدكتور خالد الجبير استشاري جراحة القلب والشرايين في محاضرته : أسباب ٌٌ منسية
|
يقول الدكتور : في أحد الأيام أجريت عملية جراحية لطفل عمره سنتان ونصف وكان ذلك اليوم هو يوم الثلاثاء ، و في يوم الأربعاء كان الطفل في حيوية وعافية يوم الخميس الساعة 11:15ولا أنسى هذا الوقت للصدمة التي وقعت إذ بأحدى الممرضات تخبرني بأن قلب و تنفس الطفل قد توقفا عن العمل فذهبت إلى الطفل مسرعا ً وقمت بعملية تدليك للقلب استمرت 45 دقيقة وطول هذه الفترة لم يكن قلبه يعمل وبعدها كتب الله لهذا القلب أن يعمل فحمدنا الله تعالى ثم ذهبت لأخبر أهله بحالته وكما تعلمون كم هو صعب أن تخبر أهل المريض بحالته إذا كانت سيئة وهذا من أصعب ما يتعرض له الطبيب ولكنه ضروري فسألت عن والد الطفل فلم أجده لكني وجدت أمه فقلت لها إن سبب توقف قلب ولدك عن العمل هو نتيجة نزيف في الحنجرة ولا ندري ما هو سببه و أتوقع أن دماغه قد مات فماذا تتوقعون أنها قالت ؟ هل صرخت ؟ هل صاحت ؟ هل قالت أنت السبب ؟ لم تقل شيئا من هذا كله بل قالت الحمد لله ثم تركتني وذهبت بعد 10 أيام بدأ الطفل في التحرك فحمدنا الله تعالى واستبشرنا خيرا ًبأن حالة الدماغ معقولة بعد 12يوم يتوقف قلبه مرة أخرى بسبب هذا النزيف فأخذنا في تدليكه لمدة 45 دقيقة ولم يتحرك قلبه قلت لأمه : هذه المرة لا أمل على ما أعتقد فقالت : الحمد لله اللهم إن كان في شفائه خيرا ً فاشفه يا رب و بحمد الله عاد القلب للعمل ولكن تكرر توقف قلب هذا الطفل بعد ذلك 6 مرات إلى أن تمكن أخصائي القصبة الهوائية بأمر الله أن يوقف النزيف و يعود قلبه للعمل ومر ت الآن 3 أشهر ونصف و الطفل في الإنعاش لا يتحرك ثم ما أن بدأ بالحركة وإذا به يصاب بخراج ٍ وصديدغريب عظيم في رأسه لم أر مثله فقلنا للأم : بأن ولدك ميت لا محالة فإن كان قد نجا من توقف قلبه المتكرر ، فلن ينجو من هذا الخراج فقالت الحمد لله ، ثم تركتني و ذهبت بعد ذلك قمنا بتحويل الحالة فورا إلى جراحي المخ و الأعصاب وتولوا معالجة الصبي ثم بعد ثلاثة أسابيع بفضل الله شفي الطفل من هذا الخراج ، لكنه لا يتحرك وبعد أسبوعين يصاب بتسمم عجيب في الدم وتصل حرارته إلى 41,2 درجة مئوية فقلت للأم : إن دماغ ابنك في خطر شديد ، لا أمل في نجاته فقالت بصبر و يقين الحمد لله ، اللهم إن كان في شفائه خيرا ً فاشفه بعد أن أخبرت أم هذا الطفل بحالة ولدها الذي كان يرقد على السرير رقم 5 ذهبت للمريض على السرير رقم 6 لمعاينته وإذا بأم هذا المريض تبكي وتصيح وتقول : يا دكتور يا دكتور الحقني يا دكتور حرارة الولد 37,6 درجة راح يموت فقلت لها متعجبا ً : شوفي أم هذا الطفل الراقد على السرير رقم 5 حرارة ولدها 41 درجة وزيادة وهي صابرة و تحمد الله ، فقالت أم المريض صاحب السرير رقم 6 عن أم هذا الطفل : (هذه المرأة مو صاحية ولا واعية ) ، فتذكرت حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الجميل العظيم ( طوبى للغرباء ) مجرد كلمتين ، لكنهما كلمتان تهزان أمة لم أرى في حياتي طوال عملي لمدة 23 سنة في المستشفيات مثل هذه الأخت الصابرة بعد ذلك بفترة توقفت الكلى فقلنا لأم الطفل : لا أمل هذه المرة ، لن ينجو فقالت بصبر وتوكل على الله تعالى الحمد لله ، وتركتني ككل مرة وذهبت دخلنا الآن في الأسبوع الأ خير من الشهر الرابع وقد شفي الولد بحمد الله من التسمم ثم ما أن دخلنا الشهر الخامس إلا ويصاب الطفل بمرض عجيب لم أره في حياتي التهاب شديد في الغشاء البلوري حول الصدر وقد شمل عظام الصدر و كل المناطق حولها مما اضطرني إلى أن أفتح صدره واضطرُ أن أجعل القلب مكشوفا بحيث إذا بدلنا الغيارات ترى القلب ينبض أمامك عندما وصلت حالة الطفل لهذه المرحلة ، قلت للأم : خلاص هذا لايمكن علاجه بالمرة لا أمل لقد تفاقم وضعه ، فقالت الحمد لله مضى الآن علينا ستة أشهر و نصف وخرج الطفل من الإنعاش لا يتكلم لا يرى لا يسمع لا يتحرك لا يضحك و صدره مفتوح ويمكن أن ترى قلبه ينبض أمامك والأم هي التي تساعد في تبديل الغيارات صابرة ومحتسبة هل تعلمون ما حدث بعد ذلك ؟ وقبل أن أخبركم ، ما تتوقعون من نجاة طفل مر بكل هذه المخاطر والآلام والأمراض ؟ وماذا تتوقعون من هذه الأم الصابرة أن تفعل وولدها أمامها عل شفير القبر و لا تملك من أمرها الا الدعاء والتضرع لله تعالى هل تعلمون ما حدث بعد شهرين ونصف للطفل الذي يمكن أن ترى قلبه ينبض أمامك ؟ لقد شفي الصبي تماما برحمة الله عزوجل جزاء ً لهذه الأم الصالحة وهو الآن يسابق أمه على رجليه كأن شيئا ً لم يصبه وقد عاد كما كان صحيحا معافى ً لم تنته القصة بعد ، ما أبكاني ليس هذا ، ما أبكاني هو القادم : بعد خروج الطفل من المستشفى بسنة و نصف يخبرني أحد الإخوة في قسم العملياتبأن رجلا ً وزوجته ومعهم ولدين يريدون رؤيتك ، فقلت من هم ؟ فقال بأنه لا يعرفهم فذهبت لرؤيتهم وإذا بهم والد ووالدة الطفل الذي أجريت له العمليات السابقة عمره الآن 5 سنوات مثل الوردة في صحة وعافية كأن لم يكن به شيء ومعهم أيضا مولود عمره 4أشهر فرحبت بهم وسألت الأب ممازحا ًعن هذا المولود الجديد الذي تحمله أمه هل هو رقم 13 أو 14 من الأولاد ؟ فنظر إلي بابتسامة عجيبة ( كأنه يقول لي : والله يا دكتور إنك مسكين ) ثم قال لي بعد هذه الابتسامة : إن هذا هو الولد الثاني وأن الولد الأول الذي أجريت له العمليات السابقة هو أول ولد يأتينا بعد 17 عاما من العقم وبعد أن رزقنا به ، أصيب بهذه الأمراض التي تعرفها لم أتمالك نفسي وامتلأت عيوني بالدموع وسحبت الرجل لا إراديا ً من يده ثم أدخلته في غرفة عندي وسألته عن زوجته ، قلت له من هي زوجتك هذه التي تصبر كل هذا الصبر على طفلها الذي أتاها بعد 17 عاما من العقم ؟ لا بد أن قلبها ليس بورا ً بل هو خصبٌُُُ بالإيمان بالله تعالى هل تعلمون ماذا قال ؟ أنصتوا معي يا أخواني و يا أخواتي وخاصة يا أيها الأخوات الفاضلات فيكفيكن فخرا ً في هذا الزمان أن تكون هذه المسلمة من بني جلدتكن لقد قال : أنا متزوج من هذه المرأة منذ 19 عاما وطوال هذه المدة لم تترك قيام الليل إلا بعذر شرعي وما شهدت عليها غيبة ولا نميمة ولا كذب واذا خرجتُ من المنزل أو رجعتُ إليه تفتح لي الباب وتدعو لي وتستقبلني وترحب بي وتقوم بأعمالها بكل حب ورعاية وأخلاق وحنان ويكمل الرجل حديثه ويقول : يا دكتور لا استطيع بكل هذه الأخلاق و الحنان الذي تعاملني به زوجتي أن أفتح عيني فيها حياءً منها وخجلا ً فقلت له : ومثلها يستحق ذلك بالفعل منك انتهى كلام الدكتورخالد الجبير حفظه الله يقول الله تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) سورة البقرة و يقول عليه الصلاة والسلام : ما يصيب ُ المسلم َ من نصب ٍ ولا وصبٍ ولا هم ٍ ولاحزن ٍ ولا أذىً ولا غم ٍ حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه |
القصة التاسعة;
دموع بأثر رجعي
أسرة صغيرة مكونة من أبوين وطفلين: أحمد ذي التسعة أعوام، وصلاح الذي أشرف على عامه السابع، الجميع ينتظر حدثًا هامًا، فالأم قد أوشكت على وضع مولودها الثالث، والأبوان يأملان في أن يكون أنثى.
صلاح الصغير: أبي، أريد دراجة.
الوالد: سأشتريها لك عندما تأتي أختك ريم.
البيت تسود أجواءه البهجة والسرور بحلول ريم، والأب يكاد يطير من فرحته بالصغيرة، وعلى الفور توجه لكي يفي بوعده الذي قطعه على نفسه أمام صلاح، وبالفعل قد اشترى له على الفور دراجة.
صلاح يلعب بدراجته الجديدة في فناء البيت، وعيون صغيرة ترقبه من الشرفة، إنه أحمد الذي كانت نفسه تتوق إلى أن يصير لديه مثلها، أو على الأقل يلهو بها مع أخيه.
لم يكن يعرف حينذاك لم لا يطلب من والده مثلما طلب أخوه، برغم أن أباه لم يكن بالرجل القاسي.
إنه يحب والديه، ويلتمس أن يكون مقربًا لديهما، كان يرى الضحكات تنبعث منهما لتصرفات صلاح خفيف الظل والذي كان فاكهة الأسرة، أحيانًا كان يحاول أحمد أن يبدو مرحًا كأخيه، لكنه لم يكن يرى استجابة مرضية.
صلاح: أبي، لقد نسيت أن تعطيني مصروف اليوم.
الوالد بعد ضحكة عالية: أعتذر لك يا أستاذ صلاح، وخذ هذا مصروفك، وأنت أيضًا يا أحمد هذا مصروفك.
أحمد بسرعة: لا يا والدي، أنا لن آخذ منك مصروفًا بعد اليوم، يكفي أنك تنفق علي، وترعاني، أنا لا أريد مصروفي.
الوالد: أعرف أنك قنوع يا ولدي، ولكن لابد وأن تأخذ مصروفك.
أحمد: أبي، أرجوك، أنا لا أريد مصروفي، ماذا سأفعل به وأنت لا تحرمني من شيء.
الوالد: ما شاء الله، عهدتك دائمًا حكيمًا يا أحمد رغم صغر سنك.
وبعد أن قالها الوالد، شعر أحمد بشيء من الرضا إثر هذه الكلمة.
ها هو أحمد يدفع الدراجة بأخيه كمشاركة له في اللعب والمرح، وكأنه يشبع قدرًا يسيرًا من رغبته في أن يستقلها، وكان صلاح الصغير يرفض أن يمنحها أخاه لبعض الوقت، وفي الوقت ذاته لم يكن أحمد يطلب من والديه مجرد السماح له بأن يشارك أخاه في اللهو بالدراجة، لماذا؟ لم يكن حقًا ليدري.
كم تهفو نفسه لأن يأخذها على حين غفلة من أخيه، ظل يقاوم تلك الرغبة حتى غلبته، فأخذها يلعب بها، وانتابته فرحة عارمة لم يشعر بمثلها قط، إلى أن رآه أخوه الذي ظل يصرخ ويمرغ جسده في التراب.
فخرج الوالدان على صراخه، وأما أحمد فقد نزل من على الدراجة، وهو يرقب في خوف مجهول السبب إلى والديه وهما يقيمان أخاه من على الأرض، وينظفان ثيابه.
ويأخذ الوالد الدراجة يسكت بها صراخ صلاح، معاتبًا أحمد برفق: أحمد أنت الكبير، لا تدع أخاك يصرخ هكذا، هو الصغير، دع له دراجته.
وبعد ربع قرن مضى من الزمان:
الزوجة الشابة تخرج إلى الشرفة، لتتأمل ذلك الزوج الذي شرد ببصره في الأفق، وقد تحدرت دمعة ساخنة على وجنته.
أحمد، قالتها في لهفة وشفقة، فانتشلته بهذه الكلمة من شروده، فانتبه إلى دموعه فجعل يجففها على عجل، وهو يجيبها: نعم سلوى، ماذا بك.
سلوى: ماذا بك أنت؟ صمتت برهة، ثم وضعت يدها بحنان على كتفه قائلة: أما زالت تلك الذكرى تستولي على تفكيرك وكيانك؟
أحمد: لا أدري يا سلوى، لقد مكثت أعوامًا طويلة، ولا أكاد أفكر فيها، لا أدري لم عاودتني، إنها لم تكن تخطر ببالي في طفولتي، فكيف تعود بعد مرور السنين؟!
إن أبواي كانا يحملان في قلبيهما الحب لي، أنا على يقين من ذلك، لم أر منهما قسوة، أشعر بأني أغدر بهما إذ ينتابني الحزن من مواقف تبدو من زاوية العقل تفاهات.
أنا جد حزين لهما، أشعر أن حزني من تلك المواقف يحمل بين طياته التحامل والإجحاف، ولكن لست أدري لم تلاحقني هذه الذكرى، وقد صرت في هذا السن؟!
سلوى: أتعرف، لقد أدركت أخيرًا لم هذا القدر المبالغ فيه من حرصك على العدل بين ابنتيك، أرى أنك تفر من تلك الذكرى، وتحذر من إلحاق أي أذى نفسي بهما من جراء آثار الماضي.
ثم تابعت: أحمد، أرى أن تذهب لعيادة الطبيب النفسي.
وفي عيادة الطبيب النفسي:
استمع الطبيب لأحمد الذي جلس باسترخاء على الأريكة إلى أن أتم حديثه.
الطبيب: الأمر واضح، أحمد الصغير ما زال يصرخ مطالبًا بحقه.
أحمد معترضًا: لا يا دكتور، أنا لم أكن لأفكر في هذا الأمر أيام الطفولة إلا نادرًا، أليس في هذا دليلًا على أن الأمر لم يترك أثره بنفسي؟
الطبيب: إنك لم تنس هذه الذكريات، كل ما هنالك أن عقلك الباطن قد اختزنها، ودبت فيها الحياة مرة أخرى نتيجة عوامل معينة، حتمًا سنقف عليها من خلال لقاءاتنا.
أحمد: يا دكتور أنا كنت أحبهما وعلى يقين من محبتهما، لست في شك من ذلك، فقط ضعف ثقافتهما التربوية جعلها لا يلتفتان بوعي إلى ذلك الخلل البسيط في تصرفاتهما.
الطبيب: أنت الآن تراه بسيطًا، لأنك تنظر إلى الماضي بعقلية الرجل الناضج العاقل، لكن أحمد الصغير لا يراه كذلك، هو يرى أنه قد ظُلم واختزلت حقوقه، وهذا ما يجب أن تعترف به، و..
قاطعه احمد: لا يا دكتور هذا ظلم لهما، إن أبواي صالحان، إنهما...
قاطعه الطبيب هذه المرة: أحمد، ينبغي أن تفصل بين الأمرين، ليس في اعترافك بقصورهما التربوي أدنى إساءة، وليس فيه قدح في محبتهما إياك.
تابع الطبيب: إنك لم تكن تأخذ مصروفك عن زهد فيه وعدم تطلع إليه، أنت سعيت لأن تلفت أنظارهما إليك، أن تحظى لديهما بخصوصية معينة، لأنك تشعر في أعماقك بنقص وحرمان مما كان أخوك يتمتع به لديهما، وذلك هو ما حملك أيضًا على أن تكبت رغبتك في أن يشتري لك أبوك دراجة كأخيك، لقد أردت أن تحظى لديهما بمكانة، فقتلت رغبة طفولية لتواجه بها الخلل التربوي لدى أبويك في التفريق في المعاملة بينك وبين أخيك.
صلاح كان خفيف الظل كثيرًا ما يضحكهما ويدخل عليهما السرور، وهو ما كنت تراه ينقصك، وعمَّق لديك هذه المشاعر أن كنت ترى محاولاتك تبوء بالفشل في إضحاكهما والشهادة لك بخفة الظل.
سالت دموع غزيرة على خدي أحمد، والطبيب يستطرد:
لابد من مصالحة ذلك الطفل أحمد، سنعتذر له، ونسكن أنينه، سنعترف بأنه لم يأخذ حقه، وبعدها نصالحه ليعفو ويصفح، لأنه طيب متسامح. وهذا ما سيتم من خلال لقاءاتي بك إن شاء الله تعالى، ولكن أبشر، فالأمر ليس بعسير وفق ما نعلمه من شرع الله ووفق دراسات علم النفس.
توجه أحمد بالشكر إلى الطبيب وانصرف شاعرًا بالرضى يتخلل كيانه كله، لقد فهم، فكانت المعرفة والفهم بداية علاجه والجزء الأهم فيه، لكنه قد ازداد عزمًا على شيء واحد لم يعد يرى غيره: أن يرى دنيا ابنتيه بعيونهما لا بعينيه.
صلاح الصغير: أبي، أريد دراجة.
الوالد: سأشتريها لك عندما تأتي أختك ريم.
البيت تسود أجواءه البهجة والسرور بحلول ريم، والأب يكاد يطير من فرحته بالصغيرة، وعلى الفور توجه لكي يفي بوعده الذي قطعه على نفسه أمام صلاح، وبالفعل قد اشترى له على الفور دراجة.
صلاح يلعب بدراجته الجديدة في فناء البيت، وعيون صغيرة ترقبه من الشرفة، إنه أحمد الذي كانت نفسه تتوق إلى أن يصير لديه مثلها، أو على الأقل يلهو بها مع أخيه.
لم يكن يعرف حينذاك لم لا يطلب من والده مثلما طلب أخوه، برغم أن أباه لم يكن بالرجل القاسي.
إنه يحب والديه، ويلتمس أن يكون مقربًا لديهما، كان يرى الضحكات تنبعث منهما لتصرفات صلاح خفيف الظل والذي كان فاكهة الأسرة، أحيانًا كان يحاول أحمد أن يبدو مرحًا كأخيه، لكنه لم يكن يرى استجابة مرضية.
صلاح: أبي، لقد نسيت أن تعطيني مصروف اليوم.
الوالد بعد ضحكة عالية: أعتذر لك يا أستاذ صلاح، وخذ هذا مصروفك، وأنت أيضًا يا أحمد هذا مصروفك.
أحمد بسرعة: لا يا والدي، أنا لن آخذ منك مصروفًا بعد اليوم، يكفي أنك تنفق علي، وترعاني، أنا لا أريد مصروفي.
الوالد: أعرف أنك قنوع يا ولدي، ولكن لابد وأن تأخذ مصروفك.
أحمد: أبي، أرجوك، أنا لا أريد مصروفي، ماذا سأفعل به وأنت لا تحرمني من شيء.
الوالد: ما شاء الله، عهدتك دائمًا حكيمًا يا أحمد رغم صغر سنك.
وبعد أن قالها الوالد، شعر أحمد بشيء من الرضا إثر هذه الكلمة.
ها هو أحمد يدفع الدراجة بأخيه كمشاركة له في اللعب والمرح، وكأنه يشبع قدرًا يسيرًا من رغبته في أن يستقلها، وكان صلاح الصغير يرفض أن يمنحها أخاه لبعض الوقت، وفي الوقت ذاته لم يكن أحمد يطلب من والديه مجرد السماح له بأن يشارك أخاه في اللهو بالدراجة، لماذا؟ لم يكن حقًا ليدري.
كم تهفو نفسه لأن يأخذها على حين غفلة من أخيه، ظل يقاوم تلك الرغبة حتى غلبته، فأخذها يلعب بها، وانتابته فرحة عارمة لم يشعر بمثلها قط، إلى أن رآه أخوه الذي ظل يصرخ ويمرغ جسده في التراب.
فخرج الوالدان على صراخه، وأما أحمد فقد نزل من على الدراجة، وهو يرقب في خوف مجهول السبب إلى والديه وهما يقيمان أخاه من على الأرض، وينظفان ثيابه.
ويأخذ الوالد الدراجة يسكت بها صراخ صلاح، معاتبًا أحمد برفق: أحمد أنت الكبير، لا تدع أخاك يصرخ هكذا، هو الصغير، دع له دراجته.
وبعد ربع قرن مضى من الزمان:
الزوجة الشابة تخرج إلى الشرفة، لتتأمل ذلك الزوج الذي شرد ببصره في الأفق، وقد تحدرت دمعة ساخنة على وجنته.
أحمد، قالتها في لهفة وشفقة، فانتشلته بهذه الكلمة من شروده، فانتبه إلى دموعه فجعل يجففها على عجل، وهو يجيبها: نعم سلوى، ماذا بك.
سلوى: ماذا بك أنت؟ صمتت برهة، ثم وضعت يدها بحنان على كتفه قائلة: أما زالت تلك الذكرى تستولي على تفكيرك وكيانك؟
أحمد: لا أدري يا سلوى، لقد مكثت أعوامًا طويلة، ولا أكاد أفكر فيها، لا أدري لم عاودتني، إنها لم تكن تخطر ببالي في طفولتي، فكيف تعود بعد مرور السنين؟!
إن أبواي كانا يحملان في قلبيهما الحب لي، أنا على يقين من ذلك، لم أر منهما قسوة، أشعر بأني أغدر بهما إذ ينتابني الحزن من مواقف تبدو من زاوية العقل تفاهات.
أنا جد حزين لهما، أشعر أن حزني من تلك المواقف يحمل بين طياته التحامل والإجحاف، ولكن لست أدري لم تلاحقني هذه الذكرى، وقد صرت في هذا السن؟!
سلوى: أتعرف، لقد أدركت أخيرًا لم هذا القدر المبالغ فيه من حرصك على العدل بين ابنتيك، أرى أنك تفر من تلك الذكرى، وتحذر من إلحاق أي أذى نفسي بهما من جراء آثار الماضي.
ثم تابعت: أحمد، أرى أن تذهب لعيادة الطبيب النفسي.
وفي عيادة الطبيب النفسي:
استمع الطبيب لأحمد الذي جلس باسترخاء على الأريكة إلى أن أتم حديثه.
الطبيب: الأمر واضح، أحمد الصغير ما زال يصرخ مطالبًا بحقه.
أحمد معترضًا: لا يا دكتور، أنا لم أكن لأفكر في هذا الأمر أيام الطفولة إلا نادرًا، أليس في هذا دليلًا على أن الأمر لم يترك أثره بنفسي؟
الطبيب: إنك لم تنس هذه الذكريات، كل ما هنالك أن عقلك الباطن قد اختزنها، ودبت فيها الحياة مرة أخرى نتيجة عوامل معينة، حتمًا سنقف عليها من خلال لقاءاتنا.
أحمد: يا دكتور أنا كنت أحبهما وعلى يقين من محبتهما، لست في شك من ذلك، فقط ضعف ثقافتهما التربوية جعلها لا يلتفتان بوعي إلى ذلك الخلل البسيط في تصرفاتهما.
الطبيب: أنت الآن تراه بسيطًا، لأنك تنظر إلى الماضي بعقلية الرجل الناضج العاقل، لكن أحمد الصغير لا يراه كذلك، هو يرى أنه قد ظُلم واختزلت حقوقه، وهذا ما يجب أن تعترف به، و..
قاطعه احمد: لا يا دكتور هذا ظلم لهما، إن أبواي صالحان، إنهما...
قاطعه الطبيب هذه المرة: أحمد، ينبغي أن تفصل بين الأمرين، ليس في اعترافك بقصورهما التربوي أدنى إساءة، وليس فيه قدح في محبتهما إياك.
تابع الطبيب: إنك لم تكن تأخذ مصروفك عن زهد فيه وعدم تطلع إليه، أنت سعيت لأن تلفت أنظارهما إليك، أن تحظى لديهما بخصوصية معينة، لأنك تشعر في أعماقك بنقص وحرمان مما كان أخوك يتمتع به لديهما، وذلك هو ما حملك أيضًا على أن تكبت رغبتك في أن يشتري لك أبوك دراجة كأخيك، لقد أردت أن تحظى لديهما بمكانة، فقتلت رغبة طفولية لتواجه بها الخلل التربوي لدى أبويك في التفريق في المعاملة بينك وبين أخيك.
صلاح كان خفيف الظل كثيرًا ما يضحكهما ويدخل عليهما السرور، وهو ما كنت تراه ينقصك، وعمَّق لديك هذه المشاعر أن كنت ترى محاولاتك تبوء بالفشل في إضحاكهما والشهادة لك بخفة الظل.
سالت دموع غزيرة على خدي أحمد، والطبيب يستطرد:
لابد من مصالحة ذلك الطفل أحمد، سنعتذر له، ونسكن أنينه، سنعترف بأنه لم يأخذ حقه، وبعدها نصالحه ليعفو ويصفح، لأنه طيب متسامح. وهذا ما سيتم من خلال لقاءاتي بك إن شاء الله تعالى، ولكن أبشر، فالأمر ليس بعسير وفق ما نعلمه من شرع الله ووفق دراسات علم النفس.
توجه أحمد بالشكر إلى الطبيب وانصرف شاعرًا بالرضى يتخلل كيانه كله، لقد فهم، فكانت المعرفة والفهم بداية علاجه والجزء الأهم فيه، لكنه قد ازداد عزمًا على شيء واحد لم يعد يرى غيره: أن يرى دنيا ابنتيه بعيونهما لا بعينيه.
القصة العاشرة
إذا صَـدَقَ الـقَـلـب..!
حَزَمت "نَبيلة" أمتعتها استعدادًا للعودةِ إلى أرض الوطن، فلمْ يبقَ على حلولِ شهر رمضان المبارك سوى يومين، وهي حريصة كل الحرصِ على قضائه في ديارها بين أهلها وجيرانها والأصدقاء، فلشهر رمَضان حضور مميَّز في بلادها، تفرح بمجيئهِ المساجد ودور الأيتام وقلوب المؤمنين، فتتمايلُ حبًّا وخشوعًا وحَنينًا.
اسْتَقبَلت الشَّهر الكريم بابتسامةٍ ودمعَةٍ، وكانت في سِباقٍ مع الوقتِ للانتهاءِ مِن ترتيبِ البيتِ وتهيئةِ الأجواءِ لتكونَ أكثر استقرارًا، لكي تَنعم بزيارة ضيفها العزيز، فما أسرع تَعاقب الأيام وانْطِواء الليالي!
نظَّمت جدول العبادات فيما بينها وبين نفسها، متأسيَّة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ، فقد كان يكثر فيه من الطاعات، ويجدُّ ويجتهد، وكان كالريح المرسلة في جوده وكرمه، لا يمسك فيه شيئاً.
" يا حسرتى..!
لقد بدَّدنا الكثير مِن المال أثناء رحلة سفرنا الصَّيفيَّة، ولمْ أدَّخر شيئًا لأتصدَّق به في هذا الشهر الكريم، وإني لأستحيي مِن أن أمدَّ يَدي لوالدي وأطلب منه مصروفًا استثنائيًّـا."
هطل النَّدم على قلبها كهطول الوابل الصيِّب، فقد أحبَّت الصَّدقة واتخذتها ذلك الخبء من العَمل الصَّالح الذي بينها وبين خالِقها، فاحتفظت بحصَّالة صَغيرة بين أشيائها لكي لا تصل إليها عيون الفضوليين، فيكثرون الأسئلة فتتلوَّث النَّـوايا بشوائب الرِّياء.
أخذت تفكِّر بطريقة مَشروعَة لكسبِ مالٍ حَلال تنفقه في سبيل الله في هذا الشَّهر الكريم، فلمْ تهتدِ، فبكَت ودعَت الله ألَّا يحرمها فضل الصَّدقة في هذا الزمن المُبارك بسبب ذنوبٍ خفيَّـة..!
ذات مساء، أثناء تجوالها في كتاب (رياض الصَّالحين) قرأت حديثًا أزاح عنها بعضًا من الحزن الذي سكن فؤادها على صدقتِها المقيَّدة، فعندما يتعلَّق القلبُ بإحدى العبادات إيمانًا ورجاءً يصعبُ عليهِ ـ بعد ذلك ـ تركها، أو نقض عهده معها..!
عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَىٰ كُلِّ سُلاَمَىٰ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ . وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئ مِنْ ذٰلِكَ: رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَىٰ».
" سأجتهد قَـدْرَ استطاعتي بَل أكثر.. اللهم عَونَـك"
يرن جرس الهاتف، فترفع السَّماعة وتجيب المتَّصل...
- السلام عليكم.
- وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بشقيقتي الغالية.
- ألا تريدين الذهاب إلى السُّوق لشراء ملابس العيد؟
- لقد اشتريت ثوبًا جميلا أثناء سفري لهذه المناسبة السَّعيدة.
- لم تخبريني بالأمر! هل وارَيتِه عن الأنظار كما يفعل الأطفال!
- نعم، ليكون مفاجأة.
- وماذا عن العباءةِ والحذاء وغيرها من الحاجيات.
- سأسأل الوالد وأستأذنه، ثم أخبركِ إن شاء الله.
- هل عادَ والدي مِن صلاة التَّراويح.
- نعم، وينتظر "القطايف" وفنجان القهوة.
- حسنًا، لا تتأخري عليَّ برد الجواب، لا أريد تأجيل الأمر، فكما تعلمين العشر الأواخِر على الأبواب، ولابد من التَّـفرغ للعبادة.
- بلَّغنا الله ليلة القدر، ومنَّ علينا بالعِتق.
- اللهم آمين.
اجتمعت الأسرة حول "صحن" القطايف وفنجان القهوة في جلسة عائليَّة حميمَة، فقالت "نبيلة" على استحياء:- والدي الحبيب، العيدُ قاب قوسين أو أدنى.
ابتسم الأب الحاني وأدرك مغزى الكلام، وردَّ ممازحًا: - كل عام أنتِ بخير يا ابنتي.
- وأنت بخير وصحة وسلامة..!
- والعيد لا يحلو إلا بلبس الجديد، أليس كذلك؟
- بلى، بلى، يا أجمل أب.
- ماذا تريدين؟
- شراء عباءة جديدة وحذاء ـ أكرمك الله.
- وكم تريدين؟
- ما تجود به نفسك، مع جزيل الشُّكر وخالص الدعاء.
لمعت في رأسِها فِكرة، فطربت لها..!
"سأشتري حِذاء رخيصًا، وعباءةً بسعر متوسط، وسأحتفظ بالباقي لأتصدَّق به."
كان المبلغ زهيدًا فاحتارت أين تضعه؟!
هل تَـهبه كَسَهم في وقفيَّة؟ أم تصرفه ـ كما تفعل كل شهر ـ إلى قطع نقديَّـة، وتتصدَّق بشكل يوميّ بإيداع تلك القطع في الحصَّالة!
هَفَتْ النَّفس إلى ما اعتادته، فذهبت إلى الجمعيَّة التَّـعاونيَّة القريبة مِن منزلها لتصرف المبلغ الزهيد إلى فئة "الخَمسين فلس"، لكنها لم تفلح..
تردَّدت على المكان أكثر مِن مرة دون فائدة، لعدم وجود الشَّخص المسؤول عن هذا الأمر، فجَثَمَ شعور صَلد بالتَّـقصير على صَدرها..
"أيَـمرّ شهر رمضان بأكمله دون أن أتصدَّق بفلس؟!!
يـا وَيْـلي!"
---
بينما هي جالسة تَتْلو آيات الذَّكر الحكيم بترتيل وتدبُّر ـ ساعة الضحى ـ رنَّ جرس الهاتف، فقطعَت قراءتها وأجابت المُتَّصِل...
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
- هل الوالدة موجودة؟
- نعم، مَن يريدها؟
- "مبَّرة طريق الإيمان".. لقد اتفقنا مع الوالدة أن نرسل لها مندوبنا ـ اليوم ـ لتحصيل مساهمتها في مشروع "كسوة يتيم"، وها هو في طريقه إليكم، فهل أنتم مستعدون؟
- نعم، حيَّاه الله، وجزاكم الله خيرًا.
أجابتها بتلقائيَّة وعفويَّة، ثم خبَّرت والدتها بالأمر...
- سامحكَ الله يا ابنتي، لِـمَ لَـمْ تستشيريني؟
- لقد قالت الأخت إن بينكما موعدًا مُبرمًا..!
- لقد نسيتُ أن أطلب مِنك أن تَسحبي لي مَبلغًا من آلة الصَّرف الآلي، ولا يتوفر معي أيّ مَبلغ الآن، فما العمل؟
- لا عليكِ ـ يا أمَّاه ـ لديّ مبلغٌ زهيدٌ سأتصدَّق به.
تسلَّل شيء مِن الرضا إلى قلبها، على الرَّغم مِن إحساسها الدائم بالتَّقصير!
حاولت دفع ذلك الإحساس مِرارًا، خشيةَ أن يكون مَدخلا مِن مداخل الشَّيطان، ووسوسةً تعيقها عَن أداء مختلف العبادات!
حَمَدَتْ الله أن يسَّر لها هذه الصَّدقة قُبيْلَ حلول العِشر الأواخر، وجعلت مِنها حافزًا للاجتهاد في الطاعة فيما تبَّقى من شهر رمضان.
انشغل الجميع بالعِبادة، وتوافد المسلمون على مضمار السَّبق في هذه الليالي المُباركة، كلٌّ يَرجو عفو الله ورحمته.
---
الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر.. الله أكبر
ولله الحمد
وأشرقَتْ شمسُ العيدِ دافئةً رضيَّـةً، وسارَعَ الأحباب إلى تبادل التَّـهنئة، وسارَعَتْ هي إلى تهنئة أخوات حبيبات، قريبات بَعيدات، ربطها بهن إسار الأخوَّة في الله رغم غِياب الرَّسم والصُّورة!
جلست أمام جهاز الحاسوب، وقامت بإعداد بطاقة تهنئة بما لديها مِن معلومات قليلة في عِلم التَّـصميم، وأهدتها إلى كلِّ مَن تحبّ.
بعض الأمكِنة لها منزلة خاصَّة في القلوب، قد نُدرك سبب تميِّزها أحيانًا، وأحيانًا أخرى قد نجهله، إلا أن الشُّعور بالأنس الذي يغشانا عندما نزورها يؤكد على تميِّزها في قلوبنا، هكذا كان حالها مع "الـمُـلتقى"!
أخذَت تتصفَّحه على عَجَل، فوقع بصرها على موضوع شيِّق:
«« ✿ مسابقة العيد ✿ دوحة الذكر ✿ »»
لَمْ تكن يومًا مُغرمة بالمسابقات، لكنَّها ترغب بالمشاركة، حبًّا في المكان وأهله، ودعمًا مِنها لأنشطته وفعالياته، وشيئًا مِن مَرح الطفولة وحَماسَة الصِّبا يراودها صَبيحة يوم العيد.
نَسَخَت الأسئلة، واحتفظت بها في ملف جديد، لتسهل العودة إليها متى أرادت، فما زال في الوقتِ مُتَّسع.
اختَلَتْ فجر الجمعة مع أسئلة المُسابقة وبدأ البَّحث والتَّقصي عن الجواب الصَّحيح لكل سؤال، مُستعينة ببرنامج "جامع المُصنَّفات الإسلاميَّة الكبرى"، ثمَّ أرْسَلَت أجوبتها إلى الأخت المسؤولة عبر الرسائل الخاصَّة، وعادت مِن جديد إلى صفحة المُسابقة تتأملها لتكتشف أن اللجنة المُعدَّة لم تكشف السِّتار عن الجوائز..!
ابتَسَمَت قائلة: - أكبر جائزة أن تحصل على فائدة.
حان وقت لقائها مع الحاسوب ـ كعادتها كل صباح ـ ومع تصفِّح المنتديات المُشاركة فيها، وبالطّّبعِ لَمْ تَنسَ مُلتقاها العَـزيز...
|--*¨®¨*--|نتائج مسابقة العيد|--*¨®¨*--|
]نبارك لجميع حبيباتنا المشاركات الفوز بمسابقة العيد، شاكرات لهن حسن التفاعل[
"يا للفرحَـة..كلُّنـا فائزات!"
]ولذلك قررت الإدارة مشاركة الجميع في الجائزة بالتَّساوي؛ والجائزة هي :
حفر بئر في إحدى الدول الإسلامية الفقيرة، بقيمة: 3550 ريالا
ومساهمة في كفالة يتيم، بقيمة: 1000 ريالا
لكلِّ فائزة سهم بقيمة: 650 ريالا[
اقْشَعَرَّ جلدُها، اغْرَوْرَقَت عيناها بالدُّموع، لهجَ القلب بالحمد، ثمَّ خرَّت ساجِدَةً لله في خشوع.. سَجـدة شُـكـر.
القصة الحادية عشر:
----------------------------------------يقظة عقل أكمل----------------------------
كان يوماً عادياً من أيام شهر يناير من العام المائة بعد الألفية الثانية من الميلاد، ولم يكن الجو حاراً كغالب أيام السنة في كافة أنحاء العالم بينما كان الغبار الملوث يملأ الجو كسائر بقاع الكرة الأرضية منذ نهاية الحرب العالمية الثالثة رغم مرور أكثر من عشرين عاماً عليها.
ورغم مخلقات الأكسجين الصناعية التي تملأ الطرقات إلا أن البروفيسور الشاب كان يرتدي قناع التنفس ولم يستطع أن يخلعه قبل أن يدلف إلى مكان عمله اليومي بالجناح العلمي في الجهة الخلفية من القاعدة العسكرية العملاقة التابعة للإدارة المركزية للعالم الجديد.
كان الضجر يبدو عليه بوضوح بسبب إجراءات الأمن اليومية المحكمة، إلا أنه كان يشعر بالتفاؤل الشديد بسبب رطوبة الجو في هذا اليوم كحالة استثنائية وهي الظاهرة التي بدأت تتكرر كل بضعة أشهر في السنوات الأخيرة بما يبشر بالخير واحتمالية أن يبدأ مناخ الأرض بالعودة التدريجية إلى سابق عهده.
تذكر البروفيسور أجواء ما بعد الحرب الكونية الهائلة التي أدركها بعد نجاته و والدته من جحيمها بينما قضى فيها والده الذي كان عالماً في الكيمياء النووية في جيش البحرية، وربما كان أحد أبطال هذه الأحداث، وتذكر أيضاً كل ما درسوه له عن أحداث هذه الحرب.
كان يحدث نفسه كم أن البشرية أجرمت في حق نفسها وقضت على كل مكتسباتها عبر التاريخ، وكيف أن الاحتباس الحراري قد بلغ ذروته بعد هذه الأحداث بحيث أغرقت مياه المحيطات أغلب جزر العالم ومحتها من الوجود وكيف زالت دول بأكملها من على خارطة العالم وعمت الحياة البدائية كل أنحاء ما كان يعرف يوماً بالمعمورة.
وبينما هو غارق في أفكاره إذ ألقى عليه \"أكمل\" تحية الصباح بلكنة شرقية واضحة فتبسم ضاحكاً ليرد عليه التحية ويسأله عن سبب الحديث بلكنته الأصلية ولماذا لا يتحدث اللغة العالمية الموحدة في عصر ما بعد العولمة الإجبارية؟!
\"وأكمل\" هذا ـ لمن لا يعرف ـ ليس صديقاً للبروفيسور ولا موظفاً عنده وإنما هو \"الفريزينج إيست براين\" أو العقل الشرقي المجمد ؟!
وهو العقل الإلكتروني المركزي الذي يتحكم بجميع الدوائر والشبكات الإلكترونية في العالم، بدءاً من البث الفضائي والمراصد الأرضية والفضائية ، وانتهاءًً بالدوائر المغلقة والصنابير الإلكترونية ومصابيح الإنارة وغيرها، وباختصار هو العقل المركزي المسئول عن التحكم في كل مرافق الحياة الحيوية ، كما أنه العقل الحاوي لخلاصة العلوم البشرية التي أمكن اختزانها والحفاظ عليه أبان الأحداث العالمية المدمرة.
وتعجب البروفيسور من \"أكمل\" وكأنه يتعامل معه للمرة الأولى وبدت له فكرة السيطرة على هذا العقل البشري الشرقي مخيفة وعجيبة فبعد الحرب الكونية الكاسحة وضياع أغلب مقدرات البشرية اضطرت الدول العظمى إلى استخدام مشروعها السري الخطير و الطارئ!
ويعتمد هذا المشروع على تجميد عقل بشري ـ ذي مواصفات خاصة فائقة ـ بغسله وحقنه بمادة تعمل على الحفاظ على الخلايا العصبية ورفع كفاءتها آلاف المرات كما أنها تساعد على السريان الكهربي فيها بسرعة أعظم من أي موصلات صناعية إلى مراحل لا متناهية.
ومع أن المشروع يبدو في ظاهره غير أخلاقي إلا أنه كان الحل الوحيد للحفاظ على مكتسبات الحضارة الإنسانية أو هكذا تم تبريره في المقررات التي درسها البروفيسور.
ويبدو أيضاً أن المواصفات الفائقة المطلوبة في العقل المخلق بشرياً لم تتوافر إلا في عقل العالِم الشرقي \"أكمل\" الذي قيل أنه خضع اختيارياً للتجربة مع غيره من العقول إلا أنه كان الأكثر تميزاً، وقد اكتفت الإدارة العسكرية للعالم بتكريمه بعمل تمثال رمزي له في أحد الميادين، وقد تمت إزالته ـ للأسف ـ منذ عدة سنوات لأغراض إنشائية؟!
أعرض البروفيسور عن أفكاره التي اعتبرها متطرفة وبدأ إدارة عمله المعقد في محاولة صيانة العقل الإلكتروني المخلق بشرياً ولكن الشعور الغريب الذي يراوده كلما ابتدأ هذا العمل سيطر عليه بشكل كامل مرة أخرى كالعادة؟!
وتذكر كل التقارير التي كتبت من قبله والتي تحدثت عن أشياء مماثلة إلا أنها أكدت على الجودة الخارقة للعقل المجمد، ولكنه تساءل عن صحة الأبحاث الغريبة والسرية التي أكدت قدرة \"أكمل\" بث بعض الأفكار عبر الأثير والتي تحمل بعض أفكار صاحبه الأصلي ومعتقداته؟!
وعندما وصل إلى هذا الحد شعر بخوف شديد ورعدة تنتابه مما حدا به إلى نزع الوصلات التي كان قد وضعها على معصميه والخوذة المعقدة التي ارتداها فوق رأسه، وهي أدوات التواصل مع \"أكمل\".
ولكنه تذكر على الفور أن هذه الأبحاث لاقت معارضة شديدة من الإدارة المركزية حتى تم تجريمها بموجب قانون عسكري متشدد ، ألقي بسببه عشرات العلماء في غياهب السجون.
تلفت البروفيسور حوله خشية أن يكون أحد قد رآه، وشعر ببعض الحرج من نفسه فأعاد الوصلات سريعاً كما كانت وبدأ في ممارسة عمله ويديه تعمل بسرعة خبيرة على لوحة الأزرار العريضة أمامه وتذكر أن الأمر لا يحتمل العبث فهو وزملاؤه الآخرون يعملون بشكل يومي ودائب للحفاظ على كفاءة عمل \"أكمل\" وإلا تعرض أمن العالم وسلامته للخطر الشديد.
راقب البروفيسور كل المعطيات والبيانات التي تختزن أو تصدر إلى \"أكمل\" وشعر بالرضا التام، خاصة وهو يراقب معدلات البث المستهلك والتي تدل على أن الأولوية القصوى بنسب تزيد على الخمسين بالمائة هي للاستهلاك الإلكتروني للمواد ذات الطبيعة الإباحية الكاملة والتي تعبر عن روح المجتمع الحر وتمثل واقع الحياة الاجتماعية هذه الأيام!
فقد تجاوزت البشرية من وجهة نظره كل عوائق المطلق وانطلقت في فضاء النسبية الرحيب لتعبر عن ذاتها وتتحرر من أسر الغيبيات؟!
كما أكدت البيانات أن الأولوية الثانية كانت للمواد ذات الطبيعة الدامية والعنيفة على التوازي مع المواد الإلحادية والتي تتجاوز المقدس وخاصة مواد الأسترولوجي وعلوم السحر والنجوم؟!
كانت طقوس السحر الأسود تعجبه كثيراً، فهي تملأ الفراغ الروحي الذي يشعر به والذي أودى به مرات عديدة في دوامة الاكتئاب، شعر بتوتر شديد عندما وصل به التفكير إلى هذه النقطة وزادت قوة قبضته على مقبض المحول الاصطناعي للمواد المبثوثة.
كما و تعرقت جبهته بشده مع ارتفاع صوت ضربات قلبه حتى صار يسمعها، وكالعادة تدخل \"أكمل\" مرة أخرى ليهدئ من روعه بكلمات و همهمات غريبة وغير مفهومة؟!
وشعر البروفيسور بهدوء عجيب يغمر كل كيانه ، وتذكر فجأة أنه لم يسجل هذه الملحوظة في تقاريره من قبل قط عن \"أكمل\" وسأل نفسه لماذا فعل هذا ؟! وما الذي كان يدفعه ليحجب هذه الملحوظة الخطيرة عن المسئولين؟!
فهو تصرف فردي من \"أكمل\" يدل على قدر من التحكم الذاتي، وهو يعلم علم اليقين أنها مسألة خطيرة إلى الدرجة التي قد تودي بعمله بالكلية في مركز السيطرة الكوني الذي يعمل به؟! ولكن البروفيسور تجاهل أفكاره كالعادة وعاد لعمله الروتيني.
وفجأة ودون سابق إنذار بدأ البث الحي لمذابح دامية وعنيفة للغاية، ولا يدري البروفيسور لماذا ألح عليه بشدة أن منطقة المذابح هي الموطن الأصلي للعقل المجمد؟!
كانت الإحصائيات الإلكترونية التي يتحكم بها \"أكمل\" تدل أن البث موجه لكافة أنحاء العالم وكانت الشاشات أمامه تنقل الوقائع الدموية والتي يبدو أنها كانت مسلية جداً للجماهير المتعطشة والمعتادة عليها حول العالم ـ أو ما تبقى منه ـ فالصور الحية المنقولة للجماهير أظهرت مدى التشجيع المنقطع النظير ؟!
كما تخلل البث لقطات إباحية شيقة مما زاد من حماسة الجماهير وتصفيقها المدوي حتى أن البروفيسور اضطر إلى إعطاء أمر صوتي لـ \"أكمل\" بخفض الصوت للحد الأدنى؟!
وعلى الفور صدرت أوامر من القيادات العليا ببث عبارات ودعايات عقائدية تساعد على تقبل المحافظين من الجماهير للبث الدموي الحي ؟! وبدت الشعارات منطقية ومقنعة مما زاد من معدل التصويت الإلكتروني لصالح البث والدعاية وكان هذا يعني أموالاً طائلة تضاف للخزينة المركزية؟!
بدأ البروفيسور يتثائب و يتململ من البث المشاهد وكاد أن يسرح بفكرة إلا أن مؤشرات الصحة والسلامة لمسارات العمل العصبية المخلقة بشرياً بدأت تظهر خللاً ما ؟!
شعر البروفيسور بالدهشة الشديدة وفتح فمه تعجباً! إذ أنها المرة الأولى حقاً التي يلاحظ فيها شيئاً مماثلاً! بل هي الأولى من نوعها مطلقاً منذ بدأ العمل بنظام السيطرة المركزي عالمياً!
يا للهول مؤشرات البيانات الإلكترونية بدأت تتأثر هي أيضاً !
وفجأة ارتفع صوت صافرة إنذار ومعها دوى مكبر الصوت المركزي متسائلاً عن سبب الخلل بقلق واضح!
بدا الصوت الهادر للقائد الأعلى لسياسة العالم مهدداً متوعداً مما أشاع جواً من الارتباك والفوضى الهائلة في الإدارة المركزية!
وفجأة هدأ الضجيج وتوقف المكبر عن البث، وظهر على كل الشاشات الإلكترونية في المركز الرئيسي صورة ثابتة وواضحة وبدا جلياً من مؤشرات البيانات أن الصورة تبث عبر العالم في كافة وسائل البث المرئية بل وفي الشاشات الكبرى في الميادين؟!
كما تشير البيانات والمعلومات أمامه إلى الانتقال الكامل للتحكم الذاتي للعقل المجمد، حاول البروفيسور مرات عديدة إعادة النظام إلى سابق عهده ولكنه لم يستطع! وكذلك لم يستطع كل طاقم التحكم إنقاذ الموقف، وبدا الجميع مشلولاً!
يا إلهي إنها نهاية العالم ـ قال البروفيسور ـ وساد الصمت وبدت صورة الجماهير المشدوهة والمبهوتة مرعوبة وهي شاخصة بأبصارها نحو السماء؟!
نظر البروفيسور المشدوه لمعدلات البيانات فوجدها تشير إلى توقف المذبحة الدامية التي كان العالم يتابعها كما تشير مؤشرات الحرارة إلى اعتدال الأجواء عالمياً بصورة غير مسبوقة منذ ثلاثين عاماً؟!
ترافق مع صورة البث الثابتة صوت تفجيرات هائلة وأظهرت مراصد الزلازل والبراكين هدوءاً مفاجئاً !
وفجأة نطق صوت شرقي عميق ومدوي يعلن نهاية الحكم المركزي وكان في خلفية الصوت ترانيم شرقية حزينة ومؤثرة سحرت جموع الجماهير حتى بدأت ترددها مع عدم فهمها بالضرورة لما تقول؟!
نطق الصوت الشرقي يعلن أن الوعي قد عاد للبشرية
إنه صوت طالما تردد في الأعماق .. أعماق الضمير
إنه صوت يعرفه كل الناس في العالم
كما و يعرفه البروفيسور جيداً
إنه صوت \"أكمل\".
ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.
القصة الثانية عشرة :
من كلمات العائدين
إخوتنا الأفاضل إن من أقوى ما يؤثر في النفوس ويحفزها للتوبة والتغييرسماع وقراءة قصص العائدين أو كلماتهم,......... وأحد الشواهد على ذلك الكيتبات الرائعة الهامة المباركة ( العائدون إلى الله) للشيح محمد المسند ولغيره من الأفاضل, وفي نفس الباب تدخل قصص التوبة المؤثرة جدا في الكتيبات القيمة (الزمن القادم).
وليت مثل هذه الكتيبات المؤثرة جدا تصل إلى كل بيت من بيوت المسلمين
وقد وضــــــــع الشيخ محمد المسند حفظه الله في آخـــر بعض أجزاء كتيبات "العائدون" رسائل وصلته من إخوة واخوات من بلدان عديدة ذكروا في رسائلهم انهم اهتدوا بعد قراءة كتيب"العائدون"
وبعض كلمات التائبين في الصميم ومؤثرة,....... فحبذا تعاوننا في نشر الكلمات التالية التي وضعت في تصاميم معبرة في المنتديات وعن طريق الرسائل البريدية,..................
وكما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: ((ولأن يهدين الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم))
--
--
--
واجدها فرصة لأذكر نفسي وإخوتنا الكرام في التواصي بوضع كتيبات" العائدون إلى الله" ومثيلاتها في أماكن الإنتظار في المستشفيات وصوالين الحلاقة ومقاهي الإنترنت وغيرها , كجزء من الواجب الدعوي الكبير على عاتق كل مسلم في الدعوة ونشر الخير, خاصة وسط واقعنا الأليم المبك الذي لا حل حقيقي لتغييره إلا عودة الأمة إلى الله وتوبتها ونصرها له لينصرها سبحانة وبذلنا غاية الجهد في ذلك.
ولو أن كل اخ في مكان عمله والأماكن التي بجواه أدى هذا الجانب لما بقي مكان من هذه الأماكن إلا وبه من وسائل الخير والدعوة والتذكير.
فأذكر نفسي وإخواني بمثل هذا الجانب,...... فالله الله ألا نقصر في أمر يسير خيره عظيم
وليت مثل هذه الكتيبات المؤثرة جدا تصل إلى كل بيت من بيوت المسلمين
وقد وضــــــــع الشيخ محمد المسند حفظه الله في آخـــر بعض أجزاء كتيبات "العائدون" رسائل وصلته من إخوة واخوات من بلدان عديدة ذكروا في رسائلهم انهم اهتدوا بعد قراءة كتيب"العائدون"
وبعض كلمات التائبين في الصميم ومؤثرة,....... فحبذا تعاوننا في نشر الكلمات التالية التي وضعت في تصاميم معبرة في المنتديات وعن طريق الرسائل البريدية,..................
وكما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: ((ولأن يهدين الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم))
--
--
--
واجدها فرصة لأذكر نفسي وإخوتنا الكرام في التواصي بوضع كتيبات" العائدون إلى الله" ومثيلاتها في أماكن الإنتظار في المستشفيات وصوالين الحلاقة ومقاهي الإنترنت وغيرها , كجزء من الواجب الدعوي الكبير على عاتق كل مسلم في الدعوة ونشر الخير, خاصة وسط واقعنا الأليم المبك الذي لا حل حقيقي لتغييره إلا عودة الأمة إلى الله وتوبتها ونصرها له لينصرها سبحانة وبذلنا غاية الجهد في ذلك.
ولو أن كل اخ في مكان عمله والأماكن التي بجواه أدى هذا الجانب لما بقي مكان من هذه الأماكن إلا وبه من وسائل الخير والدعوة والتذكير.
فأذكر نفسي وإخواني بمثل هذا الجانب,...... فالله الله ألا نقصر في أمر يسير خيره عظيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون
اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل على سيدنا محمد في الآخرين وصل على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم بأفضل ما تحب وأكمل ما تريد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى لقاء أخر يجمعنا في لمة المتابعة والقراءات الشيقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق